سعد زغلول مشر د انقلاب
سعد زغلول زعيم الثورة
ژانرونه
وكانت الأحزاب قد تفاهمت مع الوفد المصري على الدوائر التي يتركها لها، ولا يرشح فيها أحدا من أنصاره. فلما كان يوم الانتخاب أسفرت النتيجة عن انتخاب مائة وخمسة وستين وفديا، وتسعة وعشرين حرا دستوريا، وخمسة من الحزب الوطني، وستة من المستقلين، وخمسة من الاتحاديين ... إلخ.
على هذا وجب أن يدعى سعد باشا لتأليف الوزارة الدستورية، ولكن الوزارة الزيورية لم تستقل، وهي لم تعلن من قبل ذلك موعد انعقاد البرلمان ... فهل قصدت إغفاله لأنه كان من الجائز عندها - أو عند من أوعزوا إليها - أن يحصل الانتخاب ولا يحصل الانعقاد، أو يحصل ولكن بشروط؟!
تداولت الألسن أن زيور باشا فاتح اللورد جورج لويد في أمر الاستقالة بعد الانتخاب توا، فاستمهله بضعة أيام ريثما يتم الاتفاق على اختيار الخلف، وتحقق أن الإنجليز يريدون عدلي يكن ولا يريدون سعد زغلول في رئاسة الوزارة، وتقابل سعد وجورج لويد في هذه الأثناء فسأله جورج لويد: «هل ينضم عدلي إلى وزارتك إذا ألفتها؟» قال سعد: «أعتقد ذلك.» فقال جورج لويد: «ولكن الإحساس الذي عندي لا يسمح لي بهذا الاعتقاد!»
غير أن سعدا هو زعيم الكثرة الغالبة على الرغم من تجاوزه عن بعض الدوائر في الانتخابات، فكيف السبيل إلى منعه بمشيئة حكومة أجنبية أن يلي الوزارة الدستورية؟
لا سبيل إلى ذلك لو جرت الأمور في حدود الصراحة، ولكن قضية الاغتيالات السياسية باقية، ولا تزال فيها بقية صالحة للاستغلال. فلتكن هذه القضية إذن وسيلة امتناعه من تأليف الوزارة، كما كانت قضية مثلها بالأمس وسيلة اعتزاله الوزارة وهو قائم فيها.
أصدرت محكمة الجنايات حكمها في قضية الاغتيالات السياسية اليوم الخامس والعشرين من شهر مايو (1926)، فقضت «بالنسبة لمحمود أفندي عثمان مصطفى، والحاج أحمد جاد الله، والدكتور أحمد ماهر، والأستاذ محمود فهمي النقراشي، والأستاذ حسن كامل الشيشيني، وعبد الحليم البيلي بك ببراءتهم من التهمة التي نسبت إليهم وبالإفراج عنهم فورا إلا إذا كانوا محبوسين رهن قضايا أخرى».
وعلى هذا يكون اتهام الوفد بتدبير هذه الجنايات باطلا بحكم القضاء، كما بطل من قبل اتهامه بتدبير مقتل السردار؛ لأن الرجلين البارزين من رجال الوفد اللذين كانا بين المتهمين - وهما الأستاذان ماهر والنقراشي - قد برئا من التهمة، ولم تعد للوفد صلة بهذه القضايا على جميع الاعتبارات.
إلا أن ما يبطل بحكم العقل أو يبطل بحكم القضاء قد تشاء السياسة ألا تبطله، فيكون لها الحكم النافذ متى كان وراءها الجيوش والأساطيل.
فبعد أسبوع من صدور الحكم - أي بعد قيام مشكلة الوزارة - كتب مستر كرشو أحد القضاة الثلاثة الذين كانوا في محكمة الجنايات خطابا إلى وزير الحقانية استهله بقوله:
آسف لاضطراري إلى إبلاغ معاليكم أنني - بعد مداولة مع زميلي دامت خمسة أيام - أجدني لا أستطيع الموافقة على الحكم الصادر في قضية محمد فهمي علي وآخرين إلا فيما يتعلق بمحمد فهمي علي المحكوم بإعدامه، ومحمود فهمي النقراشي المحكوم ببراءته، وعبد الحليم البيلي المحكوم ببراءته. فإن الأدلة على الاثنين الأخيرين كانت غير كافية، أما باقي الحكم فهو لزميلي، وعندي أن حكم البراءة في تهمة محمود عثمان مصطفى، والحاج أحمد جاد الله، وأحمد ماهر، وحسن كامل الشيشيني يناقض وزن الأدلة إلى حد الإخلال بتنفيذ العدالة. وقد بلغت خطوة هذا الإخلال في رأيي وخطورة النتائج التي تنجم عنه حدا جعلني أعتبر أن من واجبي الخروج في هذه الحالة على مبدأ المحافظة على سر المداولة، وتوجهت بعد إصدار الحكم إلى دار المندوب السامي، فأطلعت فخامته على رأيي باعتباره حاميا للأجانب.
ناپیژندل شوی مخ