240

ساعتونه د کتابونو ترمنځ

ساعات بين الكتب

ژانرونه

والواقع أن العالم لن يستطيع أن يسرف في تمجيد بطل عالم ولو مجد ومجد ومجد! لأن فائدة العالم من البطل أكبر جدا من فائدة البطل من العالم كائنا ما كان نوع الفائدة، وبالغا ما بلغ شأو التمجيد. •••

دع هذا جانبا وانظر الآن إلى جانب آخر لا يشكو من الإسراف في تمجيد البطولة والسخاء عليها، ولا تكون الشكوى فيه - إن كانت - إلا من الإسراف في الإهمال، والتثبيط وبخس الحقوق.

قرأت في الصحف خبرا لم أدر كيف أصدقه؛ لأنه غير قابل للتصديق، قرأت فيها خبرا موجزه أن فتى مصريا أحرز لمصر بطولة الدنيا في مصارعة الهواة، ورفع علمها عاليا بين جميع الأعلام، ثم هو الآن فراش يقف بالباب في ديوان من دواوين الإسكندرية! نعم في ديوان من دواوين الإسكندرية التي يعيش فيها ألوف من «لا شيء»، والتي أرادوا يوما أن يجعلوها قبلة الشرق والغرب في المسابقات والألعاب.

فتى مصري هو من جهة فراش على باب، ومن جهة أخرى أقدر رجل من نوعه في كوكب الأرض كله! يا لها من كبيرة كبرى؟ ويا لها من خارقة تحسب في خوارق التاريخ، وستحسب لا محالة في خوارق التاريخ.

ذهلت عما أقرأ وأنا أقرؤه وأردد النظر فيه، ذهلت ولا أزال كلما رددته في فكري يستولي على ذهول لا أفيق منه على وجه مريح، كيف يصدق هذا؟ كيف يكون؟ لا يصدق ولا هو قابل للتصديق، إلا بأن تراه رأي عينك وتلمسه لمس يدك، أما أنه شيء يصح أن يصدق ويصح أن يكون فهذا من وراء ما نعقل، ومن وراء ما يجب أن نعقل من عجائب الأمور.

أتدري أيها القارئ؟ لو كنت في أمة غربية ودار فيها ذكر المفاخر والمساوئ لخزيت من هذا الخبر أضعاف خزيي من خبر يقال عن عالم أو فيلسوف أو شاعر مغبون، لو قيل لي إن أكبر العلماء أو أكبر الفلاسفة أو أكبر الشعراء ظهر في وطنك فبخسوه حقه، وضاق به رزقه لما أطرقت لذلك خجلا كما أطرق وهم يقولون إن بطلا من أبطال العالم كله في المصارعة لا يجد القوت في وطنك إلا من وظيفة فراش يقف على باب.

ذلك أن المفروض في بطولة العلم والفلسفة والشعر أنها فوق متناول الجماهير، وأنها قد تسبق موقعها من الزمان فلا تلقى ما هي أهل له من الحفاوة والتقدير، وكلما ارتفعت طبقة النابغة واحتاج تقديره إلى ارتفاع النظر وارتفاع الشعور، وضح العذر وقلت الملامة، وكان ذلك سببا لتخفيف الوزر الذي تؤخذ به الجماهير إذا هي قصرت في حقه وعجزت عن جزائه، أما بطولة العالم في المصارعة، فبطولة يعرفها بفطرته العالم والجاهل والذكي والغبي والقوي والضعيف، وهي بطولة لا يعتذر بجهلها أحد إلا إذا كان عذره أدل على ذنبه وأوجب لخزيه، فالتقصير في حقها لا معنى له إلا أنه هو التقصير، وأنه التقصير الخالع الكالح الذي لا يخجل من نفسه، ولا يلتمس الأعذار بقبحه؛ لأنه من الإيغال في الكنود بحيث لا يراه ولا يشعر أن أحدا يراه.

أنا لا أعرف الفتى «إبراهيم مصطفى» الذي أحرز لوطنه هذا الشرف بين أمم العالم، ولكني أعرف أنه مصري، وأن عمله لمصر شرف له ولها، ولكن عمل مصر له وصمة لا تليق بالمصريين ، وليست مما يصح عليه السكوت.

الغرور1

الغرور والأمل صنوان توأمان، يمد كلاهما صاحبه ويعينه ويجبر كسره، فلولا الغرور لما كان أمل، ولولا الأمل لما كان غرور، وقد يغر الإنسان بما يأمله أضعاف غروره بما هو مالكه وقابض عليه بيديه، وقد يأمل الإنسان؛ لأنه مغرور بنفسه مبالغ في تقدير ما يستحقه، فلا يرى لها القناعة بما هي فيه ولا يزال ينطلق مع الأمل إلى المقام الذي يرضيه.

ناپیژندل شوی مخ