ساعتونه د کتابونو ترمنځ
ساعات بين الكتب
ژانرونه
على محاذاة الطلائع التي ظهرت للإحساسيين. كأنهم يتهمون الإحساسية بالعجز في الرسم؛ لأنها تنحرف عن تقاليده في بعض الأحيان، فإذا شاء المصورون القادرون أن يجنبوا الفن عواقب الفوضى والشتات، فالسبيل إلى ذلك أن يغلقوا الباب على الدعاوى النفسية التي لا وازع لها، وليجعلوا الظواهر أصولا لا يعدوها المتخيلون ولا الواقعيون ولا يحاد عنها لأي عذر من الأعذار، ولا نستغني نحن في الشرق خاصة عن تقدير تلك الأصول إلى جانب العناية، بما اقترحه صديقنا المصور الفاضل من الاتفاق على المصطلحات، وضبط الأسماء، فإن إرسال الترجمة على عواهنها خليق أن يوقع القراء في الخطأ والإجحاف.
الربيع1
لماذا تغني الطيور؟
الربيع!
أين؟
ألا تراه؟ ها هو، هنا، هناك، في كل مكان، في الشجرة المورقة، في الزهرة المتألقة، في العصفور المارق من وكره، في الأحياء المتوثبة، في السماء الضاحية، في هذا الضياء النافذ الوهاج، كأنما يكشف بواطن الحياة من حيث اختبأت من طوارق الشتاء، أو كأنما يحيل الدنيا معنى يشف ويتخيل، لا جسدا يكثف ويلمس، أو كأنما يفيض عليها من صراحة اليقين، فلا تردد على سماتها، ولا خجل في حركاتها، ولا مبالاة أن تدل على نفسها بكل دلالة، وتعرب عما في ضميرها بكل مقالة؛ فما بالربيع من حاجة إلى من يدلك عليه، ويترجم لك عنه؛ لأنه لا يتوارى عن أذن تسمع، وعين تنظر، وأنف يستنشق، ويد تلمس، وقلب يشعر، وحياة يأتيها النبأ المفرح من باطنها قبل أن ينتقل إليها بالآذان والعيون والآناف، وإنه لينطق ويتحدث كما قال البحتري:
وجاء الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
بل هو يتكلم ولا يصنع من شيء إلا أن يتكلم ويتكلم، وما نحسب إلا أن الحياة كلها تعبير وإعراب، وإلا أن الربيع عندها هو ساعة الوحي والإلهام، ولا نظن الإنسان بدأ يسأل نفسه: ما الحياة؟ وما فائدة الحياة إلا في غاشية من غواشي الشتاء، حيث يبدو على كل شيء أنه يتلعثم ويطرق، ويلتمس المعاذير لوجوده وظهوره.
أما في الربيع فما الحاجة إلى بحث عن الحياة أو عن فائدة للحياة؟ ها هي الحياة جريئة على العدم لا تمهله أن يسألها لم أنت هنا؟ وما الذي تبغينه في هذه الأرجاء والآفاق؟ بل ها هي الحياة غنية بنفسها ولا شيء في الأرض والسماء غيرها. فحسبها أن تحيا وأن تقول: إنها تحيا، وأن تسمع أنها تحيا ولا مزيد على ذلك ولا داعية إلى المزيد، فإذا بدأت تلتمس الأسباب فقد بدأت تعتذر وقد بدأت ترتاب في دخيلتها وفيما حولها، فلا سبب يرضيها، ولا شفيع يغنيها غير السكوت، أو كلام هو أغمض وأخفى من السكوت.
ناپیژندل شوی مخ