101

ساعتونه د کتابونو ترمنځ

ساعات بين الكتب

ژانرونه

قال الشيخ المنفلوطي: يغلب يا باشا أن يشيع هذا الأسلوب بين الصحفيين الذين يكلفون ملأ الفراغ، ولا تتيسر لهم المادة في كل موضوع.

فابتسم الباشا وقال للشيخ: إنك يا أستاذ تتكلم عن الصحفيين وهنا واحد منهم. ثم التفت إلي وقال: ما رأيك يا فلان؟ قلت: هو ما يقول الشيخ المنفلوطي، مع استدراك طفيف قال: ما هو؟ قلت: إن هذا الأسلوب هو أسلوب كل من يتصدى لملأ فراغ لا يستطيع ملأه، سواء كتب في الصحافة أو في غير الصحافة، وعاد الشيخ المنفلوطي فقال: إن فلانا - يعنيني - لا يحسب من الصحفيين؛ لأنه من الأدباء. قال الباشا: أوكذلك؟ ثم تفضل بوصف موجز لأسلوب كاتب هذه السطور ليس من حقنا نحن أن نرويه.

واستطرد الكلام إلى الإيجاز والإطناب، فقال الباشا: إن الإيجاز متعب لأنه متب يحتاج إلى تفكير وتعيين، ولكن الإطناب مريح؛ لأن القلم يسترسل فيه غير مقيد ولا ممنوع، وقص علينا قصة رجل كتب إلى صديق له رسالة مسهبة، ثم ختمها بقوله: «اعذرني من التطويل فليس لدي وقت للإيجاز» وعقب عليها بقوله: إن هذا الاعتذار قد يبدو عجيبا لمن لم يمارس الكتابة، أما الذين مارسوها فهم يعلمون صعوبة الإيجاز وسهولة التطويل.

وجاء ذكر المحسنات والشغف بها فقال رحمه الله: إن المحسنات حلية، والشأن فيها كالشأن في كل حلية. ينبغي أن تكون في الكتابة بمقدار، وإلا صرفت الفكر عنها وعن الكتابة، وعندي أن المقال الذي كله محسنات، كالحلة التي كلها قصب لا تصلح للبس ولا للزينة. •••

وكنا عنده يوما وفي المجلس صروف، وحافظ، ومكرم، فجاء ذكر كتاب حديث فقال الباشا: إن عيب صاحبه كثرة الاستعارة، ثم قال ما أظن صاحبه يريد ما يقول؛ لأن الذهن الذي يملك معناه يملك عبارته بغير حاجة كثيرة إلى المجاز؟

قلت: يا باشا، إن الاستعارة ما برحت دليل الفاقة في المال واللغة.

قال: هذا معنى حسن، ولذلك أنت لا تستعير! ومضى يقول: إنني أفهم الاستعارة للتوضيح والتمكين، ولكني لا أفهم أن تكون هي قوام الكلام كله، وكل استعارة عرفت، وكثر استعمالها أصبحت كلاما واضحا، وذهبت مذهب الأفكار المحدودة؛ لأن الذهن يطلب الاستعارة ليستعين بها على التحديد، فإذا وصل إلى التحديد كان في غنى عن الاستعارة وعن المجاز؟ •••

وسألني مرة: هل تخطب يا فلان؟

قلت: قد تعودت إلقاء الدروس في التاريخ، وأدب اللغة، وفي الإلقاء شيء من الخطابة. قال: نعم، ولكن الخطابة تبادل وإلقاء الدروس يأتي من ناحية المعلم، ولا يشاركه فيه تلاميذه، إلا أن تكون مشاركتهم بسرعة الفهم وحسن الإصغاء.

وهنا ذكرت أن الرئيس كان أكثر ما يتدفق في خطبه، عندما يتعدى التبادل بينه وبين سامعيه حد الشعور إلى المجاذبة بالكلام، فإذا سئل ونوقش قليلا تفتح في القول، وأخذ من طوالع الملتفين به ما يوحي إليه فنون المقال المناسب لذلك المقام، وكان أسرع ما يكون إلى الإفاضة إذا تكلم أمامه المتكلمون، وأحسنوا التعبير والإلقاء، فإذا أجابهم بعد ذلك جمع أغراضهم كلها، وتأهب للكلام كما يتأهب الفرس الكريم للإيفاض في مجال السباق.

ناپیژندل شوی مخ