Sabeel al-Muhtadeen ila Sharh al-Arba'een al-Nawawiyyah
سبيل المهتدين إلى شرح الأربعين النووية
خپرندوی
الدار العالمية للنشر - القاهرة
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م
د خپرونکي ځای
جاكرتا
ژانرونه
فَلَيسَ مَعْنَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ مُجَرَّدَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ! بَلْ أَنْ تَكُونَ قَوِيمَةً -أَي: وُفْقَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ- غَيرَ مُعْوَجَّةٍ (^١)، وَتَأَمَّلْ كَيفَ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ إِذَا اِطْمَأَنُّوا بَعْدَ الخَوفِ مِنْ عَدُوِّهِم أَنْ يُقِيمُوا الصَّلَاةَ -رُغْمَ أَنَّهُم كَانُوا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الخَوفِ-؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ لَيسَتْ هِيَ مُجَرَّدَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ! حَيثُ أَنَّهُم فِي صَلَاةِ الخَوفِ قَدْ قَصُرَتْ صَلَاتُهُم مِنْ جِهَةِ الكَمِّ وَالكَيفِ، وَغَابَ عَنْهَا -فِي الغَالِبِ- حُضُورُ القَلْبِ لِانْشِغَالِهِ بِالعَدُوِّ فِي الخَارِجِ.
قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ ﵀ -عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى-: ﴿فَإِذَا قَضَيتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَانَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوقُوتًا﴾ [النِّسَاء: ١٠٣]: "أَي: إِذَا أَمِنْتُم مِنَ الخَوفِ وَاطْمَأَنَّتْ قُلُوبُكُم وَأَبْدَانُكُم فَأَتِمُّوا صَلَاتَكُم عَلَى الوَجْهِ الأَكْمَلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ بِأَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وَخُشُوعِهَا وَسَائِرِ مُكَمِّلَاتِهَا" (^٢).
وَمِمَّا يَشْهَدُ لِذَلِكَ أَيضًا حَدِيثُ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي سِتِّينَ سَنَةً مَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ! لَعَلَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَلَا يُتِمُّ السُّجُودَ، وَيُتِمُّ السُّجُودَ وَلَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ» (^٣).
- هَذِهِ الأَرْكَانُ الخَمْسَةُ وَرَدَتْ فِي الحَدِيثِ مُرَتَّبَةً حَسْبَ أَهَمِّيَّتِهَا،
وَبَدَأَ فِيهَا بِالشَّهَادَتَينِ اللَّتَينِ هُمَا الأَسَاسُ لِكُلِّ عَمَلٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ ﷿،
_________
(^١) وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَاسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾ [الكَهْف: ١، ٢]، فَتَأَمَّلْ كَيفَ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى الكِتَابَ بِأَنَّهُ قَيِّمٌ لَيسَ لَهُ عِوَجٌ.
(^٢) تَفْسِيرُ السَّعْدِيِّ (ص: ١٩٨).
(^٣) حَسَنٌ. الأَصْبَهَانِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (١٩٢٢) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٢٥٣٥).
1 / 50