وكذلك في قوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم}(1)، وقوله تعالى: {إنا نسيناكم}(2)، وقوله: {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا}(3)، فهذه وما شابهها متشابه يجب إرجاعها إلى المحكم وهو قوله تعالى: {وما كان ربك نسيا}(4)، ويكون تأويلها هو: إنهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا بالطاعة ولم يؤمنوا به وبرسوله فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا وصاروا منسيين من الخير، متروكين غير مثابين كأولئك الذين كانوا في دار الدنيا ذاكرين، أي حين آمنوا به وبرسوله وخافوه.
فلا يجوز لنا أن نقول إن لله نسيانا ولكنه ليس كنسياننا لأن الله تعالى قال: {وما كان ربك نسيا} أي ليس بالذي ينسى ولايغفل وهو الحفيظ العليم {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}(5).
فأنصح المرضى بالتجسيم أن يتفهموا هذه الأمور الهامة ويتدبروا كلام الله تعالى، ويتعاملوا مع المتشابه من آياته تعاملا سليما خاليا من كل ما يوحي بالتجسيم والتشبيه.
ومن المناسب أن أذكر قصة الرجل الشاك في القرآن الذي أتى أمير المؤمنين عليه السلام يسأله عن ما أشكل عليه في كتاب الله، التي رواها السيد العلامة عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الشرفي، عن محمد بن إسحاق الكوفي الأنصاري، وهذا رواها من طريقين إحداهما عن أبي معشر السعدي وقد كان أدرك عليا (ع)، والأخرى عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (ع) قال: أتى رجل عليا (ع) فقال: يا أمير المؤمنين إني شككت في كتاب الله المنزل. فقال له علي (ع): ثكلتك أمك، وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟!
فقال الرجل: إني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا ولايصدق بعضه بعضا وكيف لا أشك فيما تسمع يا أمير المؤمنين؟
مخ ۱۹