فهذا - لا نسميه - وقد ملأت الخمرة فراغ بطنه، فنضح بريقها من مقلتيه الكستنائيتين، فهو من الصحو والسكر في ريبتين، أو إذا خفنا ألا نعدل فبين بين. يستعمر المكتب استعمارا دونه استعمار القاسطين، وإلى جنبه حفيدة «طهماز الفارسي»
1
تتفاءل شرا في مصيرها.
وهذا «بشار» - عفريت العصبة - منبطح على المقعد، وقد ملكه من جميع نواحيه؛ فرجله اليمنى معكوفة كاللام على إحدى عارضتيه، واليسرى على العارضة الأخرى، ولقد أتاحت له فخذاه الجبارتان أن يحتل عارضتي المقعد على بعد ما بينهما، فهو هناك كأنه في سريره، ولنارجيلته المحمومة وجه غريب تحيط بجبينه هالة من النار كوجه إبليس، ولها كركرة رجيمة ككركرة الزفت في مراجل جهنم.
وهذا «حبيش» - أحد عفاريت العصبة - يرقب الحين بعد الحين ليمهر الحلقة بألفاظ زيغ وطيش، لا هي في لغة فارس ولا في لغة قريش، وإذا انحط الأتباع على كتيبة منها انحط هو على جيش.
وهذا «أبو شهلا» - وقد أمره الرفاق فاحتل صدر المكان - يظهر كرسيه كأنه مغشي عليه؛ لكثرة ما ضحك.
وهذا رسام - أحد العفاريت - يصرخ بملء شدقيه: «هاتوا نارجيلة!» فلا يأبه أحد لصراخه، ويرى النراجيل من حوله كإطلاء من حول غدير، فيتميز غيظا وتربد خلقته من الغضب، فيقطع على العصبة الحوار بصراخه: «هاتوا نارجيلة! دقوا الجرس! ألست من العفاريت؟ هاتوا نارجيلة بحق قصائدي ومقالاتي وآرائي وشهرتي ...!» فيستمرون في حوارهم غير آبهين.
إذا انتحيت إدارة التحرير في جريدة «المعرض» بين الساعة الثانية عشرة والثالثة ظهرا، فإنك ليقف بصرك على هذا المشهد، ولكن هيهات يقيض لك ذلك والإدارة في ذلك الحين حرم منيع محظور دخوله حتى على نائب الشباب.
ميشال أبو شهلا
يطلع على الثانية والثلاثين.
ناپیژندل شوی مخ