روح عظيم المهاتما غاندي

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
65

روح عظيم المهاتما غاندي

روح عظيم المهاتما غاندي

ژانرونه

وكان غاندي صحفيا يصدر صحيفة دورية ويكتبها ويواظب على إصدارها وكتابتها.

ولكنه حذر من الصحافة وأسف لتهافت الناس عليها، فقال غير مرة بمختلف العبارات: «أقول لكم: إن الصحافة لن تعطيكم شيئا فيه لكم مصلحة دائمة، وإنها لن تعطيكم شيئا يساعدكم في تكوين أخلاقكم، ولا أجهل مع هذا ولع الناس بها في هذا الزمان فهو محزن ومخيف.» •••

نقائض كثيرة من هذا القبيل في أعماله وفي وصاياه.

فهل يقال من أجل ذلك: إنه لغز من الألغاز النفسانية التي تحيرنا في نقائض بعض العظماء.

لا نحسب أنه لغز غير مفهوم، وإن بلغت نقائضه أضعاف ما أشرنا إليه؛ لأن الشخصية الملغزة هي الشخصية التي تعمل ما لا تنتظره منها، أو الشخصية التي تفاجئك في كل تصرف من تصرفاتها بمصدر جديد تصدر عنه في أعمالها وأقوالها.

وليس غاندي كذلك على التحقيق.

لأننا إذا عرفناه لم ننتظر منه غير ما فعل وغير ما قال في جميع هذه الأحوال. •••

إننا لا نحاسب غاندي محاسبة الفيلسوف ولا محاسبة الحاكم، ولا محاسبة الفنان.

وإنما يوزن غاندي بميزانه الذي ليس له ميزان غيره، وهو ميزان الناسك المصلح الجاد في نسكه وإصلاحه: مطلبه الأول هو خلاص الروح قبل كل شيء وبعد كل شيء، وليس في الكون كله ما يعدل عنده هذا الخلاص؛ لأنه اتصال بالإله مصدر الخير والسعادة، وكل ما عداه فهو اتصال بما دون الإله.

قال في ترجمة حياته: «إن أعمالي في ميدان السياسة معروفة الآن في الهند، بل معروفة على نحو ما في العالم المتحضر بأسره، وهذا كله ليس بذي شأن كبير عندي، فإن ما أردت أن أبلغه في هذه السنين الثلاثين هو تحقيق روحي وتصحيحها؛ أو هو لقاء الله وجها لوجه، والوصول إلى - الموكشا - أو الخلاص.»

ناپیژندل شوی مخ