المبحث الثاني: معايير تحقيق الأهداف (في ضوء السنة النبوية)
لكي تكون الأهداف ناجحة ودقيقة فلابد من معايير يقاس عليها تحقيق هذه الأهداف، ومن هاتيك المعايير:
المطلب الأول: تحديد العمل المطلوب انجازه، ومَنْ يقوم به، ومتى يقوم به، ولماذا يقوم به
فهذه الأسئلة مهمة للغاية من أجل انجاح الهدف، ولنوضح ذلك بأمثلة من السنة النبوية:
أخرج الشيخان من حديث السيدة عائشة ﵂ في صلاة أبي بكر ﵁ بالنّاس، قالت: لما ثقل رسول الله ﷺ جاء بلال يؤذنه بالصلاة. فقال: "مروا أبا بكر فليصلِّ بالنّاس" قالت: فقلت يا رسول الله، إنّ أبا بكر رجل أسيف وإنّه متى يقم مقامك لا يسمع النّاس فلو أمرت عمر، فقال: "مروا أبا بكر فليصلِّ بالنّاس".قالت: فقلت لحفصة قولي له: إنّ أبا بكر رجل أسيف وإنّه متى يقم مقامك لا يسمع النّاس، فلو أمرت عمر، فقالت له: فقال رسول الله ﷺ: " إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلِّ بالنّاس". قالت: فأمروا أبا بكر يصلي بالنّاس، قالت: فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله ﷺ من نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله ﷺ، قم مكانك، فجاء رسول الله ﷺ حتى جلس عن يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله ﷺ يصلي بالنّاس جالسًا، وأبو بكر قائمًا يقتدي أبو بكر بصلاة النبيّ ﷺ ويقتدي النّاس بصلاة أبي بكر" (١).
وقد اختلف أهل العلم في صلاة النبيّ ﷺ هذه وهل وقف على يمين أبي بكر أو شماله، على أقوال لسنا بصدد نقاشها، حتى قال بعضهم: إنّه كان لهذه الصلاة إمامان النبيّ ﷺ لأبي بكر، وأبو بكر ﵁ للناس، فلتنظر في محلها (٢)، وإنما الذي نريده ههنا أنّ النبيّ ﷺ حدد هدفًا واضحًا وشخص له أبا بكر ﵁.
فالهدف واضح، أراد النبيّ ﷺ للأمة أن تتهيأ لاستقبال أبي بكر ﵁ من بعده إمامًا في الصلاة، وحريّ بمن وقف هذا الموقف أنْ يكون إمامهم في الدولة، فهي تهيئة للخليفة القادم بعد أيام قليلة، ولهذا أصرّ على تقدمه للصلاة بالنّاس ﵁ حال حياته ﷺ،وحين رأى النبيّ ﷺ منظر الصفوف خلف ابي بكر ﵁ في اليوم التالي سره، فتبسم له رضى لما يراه بأبي هو وأمي ونفسي والنّاس أجمعين.
(١) أخرجه البخاري (٦٣٣)،وغيرها من المواضع، ومسلم ١/ ٣١٣ (٤١٨)،وغيرهم. (٢) ينظر: فتح الباري، ابن رجب ٤/ ٨٣ - ٨٦،وشرح النووي ٤/ ١٤٢ - ١٤٦وفتح الباري ابن حجر٢/ ١٥٢ - ١٥٤.
1 / 16