322

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

فجلس أندريا بإزائها وقال: إذن فقد رضيت.

فأنت قائلة: ولكن هذين المليونين سيطول العهد بالحصول عليهما. - كلا، بل إنا سنقبضهما غدا إذا أحسنت الطاعة. - أراك شديد القناعة، فإن فرناند وافر الثروة، فكيف تقنع منه بالمليونين؟ - إنك منخدعة بثروته كسائر الناس، فإنه عندما تزوج بهرمين كان فقيرا لا يملك شروى نقير، وكان مهرها اثني عشر مليونا، إلا أنها حين عقد الزواج لم تخصه إلا بثلاثة ملايين، وقد أنفق منها على القصر ورياشه نحو مليون، ولم يبق له إلا مليونين. - بقي أن أعلم كيف نحصل على هذين المليونين. - إن ذلك سهل ميسور، وهو أني سأعطيك خمس حوالات قيمتها 50 ألف فرنك تسأليه أن يوقع عليها بالقبول، وهو سيقبلها دون ريب لأنها مبلغ زهيد. - وأين المليونان إذن؟

فأخرج أندريا الحوالات مكتوبة من جيبه وقال: انظري إلى هذا الحبر، فإنه إذا مسح عن الورق زالت جميع آثاره، وإذا وقع فرناند على الحوالات بالحبر العادي مسحت عنها الكتابة السابقة ويبقى الإمضاء أكتب فوقه ما أريد.

فبهتت الفيروزة لكلامه ثم أخذت الحوالات، وجعلت تقلب نظرها فيها، فرأت أنها بعيدة الآجال فقالت: إن فرناند لا يلبث أن تعرض عليه الحوالة الأولى حتى يفطن للتزوير ويبعث بي وبك إلى أعماق السجون. - لقد أصبت، ولكن ليس فرناند الذي سيدفع هذه الحوالات بل امرأته ستدفعها بعد موته حرصا على اسمه.

فأجفلت الفيروزة وقالت: ألعلك عزمت على قتله؟ - نعم! - كلا ... إني أوافقك على كل شيء وأشاركك في كل جريمة، أما جريمة القتل فإن يدي لا تنغمس فيها.

وأخرج أندريا الخنجر من جيبه ثانية ووضعه على منضدة أمامه، وهو يقول: لا شك أنك بلهاء، فإنك تدافعين عن حياة الآخرين وأنت أولى بالدفاع عن حياتك.

وهالها بريق الخنجر وانقادت صاغرة إليه، ودار بينهما حديث طويل لا ندري خلاصته إلا أن نتائجه ستظهر قريبا.

ولما فرغا من هذا الحديث أمرها أن تكتب رسالة إلى فرناند تدعوه بها إلى العشاء معها، ففعلت وخرج أندريا على أن يعود حين يجيء فرناند فيختبئ في إحدى الغرف.

أما الفيروزة فإنها أوقدت المصابيح بجميع المنزل، كأنما هي تعد ليلة راقصة، ثم جعلت تنتظر قدوم فرناند، وفي الساعة التاسعة أقبل هذا المفتون فاختلقت له حديثا ملفقا عن السبب الذي دعاها إلى الغياب، وجلست وإياه على المائدة تسقيه من خمرها ومن عينيها كئوسا أضاعت رشاده، وجعلته آلة في يديها حتى سألها عن السبب في هذا الانقلاب الشديد، فأخبرته بأن لها عما مدينا وأنها تشفق عليه وعلى شرفه وسوى ذلك، إلى أن سألها عن مبلغ دينه. - خمسون ألف فرنك.

وضحك فرناند ضحك الهازئ وقال: أتحزنين لهذا المبلغ الزهيد، وأنا صاحب الملايين؟

ناپیژندل شوی مخ