ثم أخبره بجميع ما كان من أمر ليون، وأمره أن يتزيا بزي سائق مركبة كي يسوق المركبة التي تسافر بليون والفيروزة، وأخبره بجميع ما ينبغي عليه أن يفعله.
وبعد ساعتين كانت المركبة واقفة على باب منزل الفيروزة وروكامبول ينتظر فيها بزي سائق، ثم أقبل مع الخادم كما تقدم، ولما رأته الفيروزة أسرعت إليه وتأبطت ذراعه وسارت به إلى المركبة واندفع معها يقدم رجلا ويؤخر أخرى، وكأنها خشيت منه عاقبة هذا التردد فجعلت تغازله وتكشف له كوامن حبها ما أنساه امرأته وولده، فصعد معها إلى المركبة وسارت بهما تنهب الأرض حتى خرجت من باريس واجتازت مسافة مسير ساعة في طريق نورمانديا.
إلا أن ليون ما لبث أن عادت إليه هواجسه، وذكر امرأته وولده، وعلم أنه يأتي أمرا جنونيا لا يقدم عليه العاقلون، ثم تمثل له ولده وهو يناديه ويتبسم له ابتسام الملائكة فاتحا ذراعيه لضمه، فثارت في فؤاده عواطف الأب وأفلت يده من يد الفيروزة وصاح بغتة بالسائق يقول: قف فلا طاقة لي بارتكاب هذه الخيانة.
فخطر للفيروزة خاطر سريع، وقالت له: ليكن ما تشاء، أتريد العودة إلى باريس؟ - أجل. - إذن، نفترق إلى الأبد.
واختلج ليون وجعل الواجب الشريف والحب الفاسد يتجاذبان فؤاده الضعيف، ولكن الواجب قد انتصر، فصاح أيضا بالسائق وقال: قف، فإني لا أريد أن أفارق ولدي.
فنادت الفيروزة السائق وأمرته أن يقف ثم قالت لليون: يعز علي أن أفارقك، إلا أني لا أستطيع أن أدعك في هذه البراري المقفرة، فإننا نبعد خمس مراحل عن باريس. - لا بأس، إني أعود ماشيا على الأقدام. - كلا، بل ترجع بك المركبة.
ثم أمرت السائق أن يرجع بهما إلى باريس.
وكان روكامبول قد سمع جميع الحديث فقال لها: إن الخيل قد تعبت يا سيدتي، ولا طاقة لها بالرجوع وقد دنونا من محطة قريبة، فإذا شئت وصلنا إليها واستبدلنا الجياد ثم نعود. - إذن، فأسرع إلى هذه المحطة.
فدفع روكامبول الجياد وليون مطرق بعينيه إلى الأرض لا يجسر أن ينظر بهما إلى الفيروزة، حتى وقفت المركبة أمام فندق منفرد، فنادى روكامبول أصحابه وللحال فتح الباب وخرج منه فانتير وهو الخادم الذي وضعه أندريا في منزل الأرملة مالاسيس، وقد تزيا بزي أصحاب الفنادق، فقال له روكامبول: أسرع وأعد لي جوادين قويين أعود بهما إلى باريس.
ثم أومأ إليه بخفة، فعلم فانتير المراد، وقال: لا سبيل للحصول عليهما قبل ساعتين.
ناپیژندل شوی مخ