271

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

إنك أوشكت أن تشفى أتم الشفاء، بحيث أصبحت قادرا على الرجوع إلى زوجتك التي تحبك وتنتظر عودتك بذاهب الصبر، فأودعك وداعا لا لقاء بعده. وأسألك أن لا تعود بعد ذلك إلى مبارزة أحد، فإذا جال يوما ذكري في خاطرك فقل أن الحياة تكتنفها الأسرار، ولا تبحث عني لأنك لا تراني وذلك لأني مقيدة، وبحثك عني يعرضك لأخطار شديدة، ثم لأنك مقترن بامرأة تهواها وتهواك. الوداع، ولا تفتكر بي إلا كما تفتكر في حادثة جرت لك في حلم، واعلم أن الأحلام خير أوقات الحياة.

فاضطرب فرناند عند الفراغ من تلاوة الكتاب وقال: إني سأجدها ولو ذهبت إلى أقصى مكان في الأرض.

16

في اليوم التالي لحمل فرناند إلى منزل الفيروزة، كان أندريا عند منتصف الليل في منزل روكامبول، وقد جلس هذان الاثنان حول منضدة، فكان أندريا يتعشى ويأكل أفخر المآكل نافضا عنه غبار الزهد في منزل أخيه، وكان روكامبول يتلو عليه تقارير أعضاء الجمعية السرية، مبتدئا بتقرير شاروبيم.

وكانت خلاصة تقرير شاروبيم أنه راقص المركيزة فان هوب، فظهرت عليها ملامح الاضطراب، وأنه بسط مقدمة غرامه فتكلفت عدم المبالاة، وأنه لقيها في اليوم الثاني في أحد المنتزهات، فاحمر وجهها حين سلم عليها وبرحت المنتزه دون سائر المتنزهين، كأنها تحاول الفرار منه، إلى غير ذلك من هذه المقدمات.

فقال أندريا: إنه لم يصنع بعد شيئا يذكر، ولكن اضطرابها واحمرار وجهها حين لقياه، خير دليل على أنها خطت الخطوة الأولى في سبيل غرامه.

ثم قال: ما لديك غير هذا التقرير؟

ففتح روكامبول محفظة كبيرة وأخرج منها ملفا مكتوبا عليه «الأرملة ملاسيس»، ففتحه وقرأ فيه ما معناه أن هذه الأرملة عادت إلى منزلها عند منتصف الليل، وبينما هي مقيمة في غرفتها سمعت وقع أقدام، فحسبت أن القادم هو الدوق إذ لا يزورها أحد في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل، غير أن القادم لم يكن الدوق بل كان أرثير كامبي أحد أعضاء جمعيتنا، فأجفلت حين مرآه وحاولت أن تصيح، غير أنه أقفل الباب بهدوء وجلس بقربها، فلم يعلم ما دار بينهما، ولكنه لم يخرج من منزلها إلا عند بزوغ الفجر.

وكان هذا التقرير أن هذه الأرملة تخرج كل يوم في الساعة الثانية بعد الظهر فلا تعود إلا في الساعة الرابعة، وأن الدوق زارها في صباح اليوم التالي للحفلة فوجدها منشغلة بإعداد معدات السفر، ودار بينهما حديث طويل، فكان الدوق يلتمس منها وهو راكع أمامها أن ترجع عن السفر، وما زال بها حتى أقنعها على البقاء على شرط أن يتزوج بها قريبا، وأن يسافرا على إثر الزواج إلى إيطاليا، وأن لا يزورها ولا يحاول أن يراها قبل أن توزع رقاع الدعوة لحضور حفلة الزواج.

فقال أندريا: إن مسألة هذه الأرملة تسير سيرا خلافا لمسألة المركيزة والكونت مايلي، ولكن النصر مضمون لمن يتمكن أن يصبر. ثم قال له: ألم يردك شيء عن الفيروزة؟ - أجل.

ناپیژندل شوی مخ