267

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

ولنعد الآن إلى فرناند روشي، فلقد غادرناه مغميا عليه في منزل تلك الفتاة التي استخدمها أندريا لغوايته، فلما أفاق من إغمائه نظر إلى ما حوله نظرة المنذهل؛ إذ رأى نفسه في مكان لم يعرفه، وفي غرفة مزدانة بأفخر الرياش، غير أنه لم ير بين أثاثها شيئا كان يعهده من قبل، فعلم أنه في غير منزله، ولم يذكر ما هو فيه إلى أن تحرك في فراشه فشعر بألم شديد أعاد إليه رشده، وذكره أمر المبارزة، وكيف أن خصمه أصابه بكتفه، فعلم أنه أغمي عليه لما نزف من دمائه، وأن شاهده أو خصمه حمله إلى هذا المكان القريب.

وفيما هو يفكر مهموما حائرا فتح باب الغرفة التي هو فيها، وولج منها رجل بملابس سوداء، فمشى إلى سرير الجريح مشيا خفيفا حتى وصل إليه، فأخذ يده دون أن ينبس بكلمة وجس نبضه وهو يقول: إني أراك محموما يا سيدي، وهو دليل حسن.

ثم حل ضماد جرحه وطهره، فعلم فرناند أنه طبيب وقال له: أترى جرحي بالغا خطرا؟ - إنه بالغ، ولكني أرجو أن لا يكون خطر فيه، وفي كل حال فإنك لا تستطيع الخروج قبل أسبوع.

فلم يحفل فرناند بهذا القول لانشغاله بمعرفة المكان الذي هو فيه، فقال للطبيب: أين أنا؟ أفي المستشفى؟ - كلا يا سيدي. - إذن إني في منزل شاهدي أو خصمي؟

فتكلف الطبيب هيأة البساطة وقال: لا أعلم شيئا من هذا يا سيدي، وجل ما أعرفه أني دعيت لمعالجتك منذ ساعتين، فلم أر في هذا المنزل غير فتاة. - صفها لي لعلها امرأتي. - فتاة تناهز العشرين جميلة شقراء ربعة القوام، وقد رأيتها منحنية فوق سريرك تستعين بخادمتها على تنظيف جرحك. - ألم تر رجالا في البيت؟ - كلا.

فاضطرب فرناند وقال: إذن أين أنا وما هذا السر؟ فإن الفتاة التي وصفتها لي ليست امرأتي.

وطال الحديث بينهما دون أن يتمكن فرناند من الوقوف على شيء، وبقي مسجى فوق سريره وهو غائص في بحار التأملات.

وفيما هو سارح في عالم الخيال، فتح الباب ودخلت منه امرأة تتهادى في مشيتها، وقد برزت في حلة من الجمال تدهش لها العيون، إلى أن استقرت أمام سرير فرناند فنظرت إليه نظرة المشفق وقالت له بصوت رخيم: كيف أنت؟

فتلجلج فرناند وقد دهش بجمالها ولم يدر كيف يجيب، ثم حاول أن يتكلم فوضعت بنانها المترف الناعم فوق فمها الصغير وهي تقول: اسكت فإن الكلام يؤذيك.

وعند ذلك اقترب منها الطبيب وقال لها بلهجة الاحترام: سيدتي، إن حالته الصحية متحسنة، ولم يعد لبقائي حاجة، على أني سأرجع بعد ساعتين.

ناپیژندل شوی مخ