وعند ذلك انحنى أندريا على فرناند وكشف عن جرحه فوجده بالغا، غير أنه ليس بخطير؛ فأمر روكامبول أن يحضر له ضمادة من المركبة، فامتثل وضمد له جرحه، ثم حملاه برفق إلى المركبة، فجلس أندريا بقربه وأمر روكامبول أن يسوق المركبة إلى منزل الفيروزة، أي منزل باكارا القديم.
فسارت المركبة الهوينا رفقا بالجريح، إلى أن بلغت ذلك المنزل ففتحا بابه وحملا فرناند، وهو لم يستفق بعد من إغمائه لفرط ما نزف من دمائه. فاستقبلتهم الفيروزة وقد باتت في قصرها الجديد شبيهة بالملكات، فتبسم لها أندريا معجبا بجمالها وقال: هو ذا الطير، فهل أعددت القفص؟ - كن مطمئن البال، فلا يفلت منه إلا متى أردت له إطلاق السراح. - أعلمت ما يطلب منك؟ - طب نفسا، فسأمثل دوري خير تمثيل. - وأين الطبيب؟ - ها هو بالباب، وقد أمرت جميع الخدم بالنوم طوعا لأمرك. - أحسنت. والآن فلننظر في هذا الجريح.
فأقبل الطبيب يفحص جرحه، وهو من صنائع أندريا، فقال له: أيطول زمن شفائه؟ - سبعة أو ثمانية أيام، إلا إذا أردت أن يطول. - كلا، فاعتن به خير عناية، وامتثل لأوامر صاحبة المنزل.
ثم قال لروكامبول: نذهب الآن إلى قصر المركيز، فلم يعد لنا عمل هنا.
وقبل أن يذهب همس في أذن الفيروزة يقول: إني أنتظر منك رسالتين كل يوم.
ثم ودعها وانصرف مع روكامبول.
وكانت الساعة الرابعة بعد منتصف الليل، فذهب إلى قصر المركيز فان هوب وانخرطا في سلك الراقصين دون أن يشعر بهما أحد، ثم اختليا في زاوية القاعة، وجعلا يراقبان الراقصين فوجدا الكونت مايلي حفيد الدوق يراقص هرمين زوجة فرناند، ورأيا شاروبيم أحد أعضاء جمعيتهما السرية يراقص المركيزة فان هوب، وهي تبتسم له بلطف ودلال.
فقال أندريا: ألست ترى المركيزة كيف تبتسم معجبة بجمال شاروبيم؟ - أجل. - فقد ذكرتني ابتسامتها تبسم أولاد شارل الأول للمعان فأس الجلاد، وهم لا يعلمون أنه سيقطع رأس أبيهم بعد حين، وهكذا المركيزة غير أنها تبتسم للخنجر وليس للفأس. - ومن عسى أن يكون الخنجر، ألعله شاروبيم؟ - كلا، ولكنه سيضع هذا الخنجر بيد المركيز المفتون بزوجته.
ثم تبسم تبسما تضطرب له الجريمة نفسها وترتعش لرؤيته الشياطين.
14
ناپیژندل شوی مخ