241

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

ذلك أنها كانت تتوقع في كل يوم أن ترد إليها أخبار السوء عن الأميرة؛ لطمعها بزواج الكونت، فإن تلك الأميرة قد سافرت وهي في حالة من الاعتلال تدعو إلى القنوط.

غير أن الله أبى أن تنفذ مآرب أهل الشر، فقضى على مطامع تلك الأرملة وذهبت آمالها السافلة أدراج الرياح، فإن الأميرة بدلا من أن يفتك بها الداء كما تتوقع لها امرأة عمك، أفادها هواء البلاد وسماؤها الصافية فردت إليها الحياة وباتت كأنها في أتم صحة وعافية.

وبعد ثلاثة أعوام من سفرها عادت إلى بلاط ميونخ فدهش أهل البلاط حين رأوا تلك الأميرة المكلولة عادت إليها نضارة الشباب فزادتها جمالا.

وكان الكونت قد علم بموت كريتشن فبكاها بالسر؛ إذ كان لا يزال في قلبه بقية من ذاك الحب القديم الذي هاجه الموت.

وقد أعادت الأميرة معها ابنة كريتشن الأولى؛ أي أختك.

وكان الكونت غير عالم بحقيقة السبب في موت أمك فلم يخطر له في بال أنها ماتت مسمومة، وأن أخاه الشفالييه وامرأة أخيه الميت والأميرة والنورية قد اتفقوا جميعهم على قتل هذه المنكودة؛ إذ لم يكن عارفا بهذا السر غير رجل، وقد باح له به. - من هو هذا الرجل يا بنيامين؟ - هو أنا. - وماذا فعل الكونت بعد ذلك؟ - إن الجناية حفرت هوة عميقة بينه وبين امرأة أخيه فلم تعد تكترث لصحة الأميرة؛ إذ لقيت أن الكونت لا يتزوج بها بعد أن غمست يدها في ذلك الدم الطاهر المسفوك.

ولم يكن يستطيع أن يعاقب أحدا أو ينتقم من أحد، فإن الجميع كانوا بحماية الأميرة شريكتهم بالجريمة.

ولم أعد أعلم شيئا مما جرى لهذه العصابة عصابة اللؤم والفساد سوى أن الأميرة باعت كثيرا من أملاكها ووهبت جانبا مما بقي لأسرتها وسافرت مع الكونت إلى باريس تصحبها ابنة كريتشن الأولى؛ أي أختك ابنة الكونت دي مازير.

وقد أقامت مع زوجها عاما كاملا في باريس، إلى أن بنى الكونت قصر بوربيير الذي يقيم فيه الآن الكونت لوسيان وأمه فأقامت فيه مع زوجها والفتاة.

ولم أعلم بعد إقامتها فيه غير ما يعلمه سكان هذه النواحي. - أتعني بذلك احتراق القصر بساكنيه. - نعم، أعلم أني أخالف الناس فيما يزعمون من احتراق الفتاة أيضا وأسباب هذا الحرق. - ما هي أسبابه؟ - لقد ارتأى كثيرون أن النار قد شبت في القصر قضاء وقدرا، وعندي أنه لم يكن للقدر يد في هذا الشأن، بل إن الكونت قد أحرق القصر عمدا بعد أن سجن نفسه مع الأميرة في غرفة بابها من الحديد كي لا يستطيعا كسره والهرب من النار. - إذن فقد مات منتحرا؟ - ومنتقما أيضا، فإن الأميرة لم تنس إساءته إليها حين عشق كريتشن وهو لم ينس فظاعة انتقامها من كريتشن لسلبها ابنتها وقتلها بالسم، فكانت تحاول الانتقام منه بكل ما تفننه الحياة لأمثالها من نساء الشر، حتى يئس منها ومن الحياة وهاجت في نفسه كوامن الانتقام للشر فأحرقها وأحرق نفسه بالنار. - والفتاة؟ - أنقذها راوول. - أتظن ذلك أكيدا؟ - بل أؤكده، فإن راوول قد زار الكونت في القصر قبل احتراقه، والآن فاعلمي يا سيدتي أن أباك الشفالييه ووالدة لوسيان امرأة عمك كانا لا يزالان في ميونخ حين مات الكونت، فلم يجدا بعد البحث والتنقيب شيئا من المال النقد ولم يقتسما غير القصر والأرض.

ناپیژندل شوی مخ