وعند ذاك رسمت لها تنوان خطتها الهائلة، وظلت المركبة سائرة حتى بلغت القصر قرب انتصاف الليل، فنزلت الأميرة منها وهي نشيطة بعد أن كانت تشبه الأموات كأنما محادثة تنوان قد أعادت إليها القوى .
وكانت ظواهر هذا القصر تدل على اضطراب ساكنيه، فلما صعدت إلى الدور الأول سمعت صراخا شديدا، فقالت لها تنوان: إنها تتألم آلام الولادة فهل تسمعين؟ - نعم، ولكن أين هو الكونت؟ - لا بد أن يكون عندها؛ إذ لا يفارقها في مثل هذه الساعة. - إني سأعاقبه أيضا شر عقاب.
فقالت النورية بصوت منخفض: اذكري يا سيدتي ما أوصيتك به. - لقد أصبت، فإذا خانني الجلد لأول وهلة فلا يخونني بعد الآن.
إذن هلمي معي فسأوصلك إلى غرفتها؛ أي إلى غرفتك يا سيدتي، فإن الكونت أقام خليلته في غرفتك في نفس قصرك.
فذكرت الأميرة عند ذاك والدة لوسيان وقالت: وهذه أيضا ستنال حظها من عقابي. - إنك إذن تكونين مخطئة مسيئة إليها، فإنها هي التي أخبرتني بخيانة الكونت، وهي مخلصة لك منتهى الإخلاص.
وكانت الأميرة تسير متوكئة على كتف النورية، وكلما مشت خطوة زاد ارتفاع الصراخ حتى بلغت إلى الغرفة التي كان يخرج منها الصوت، فدفعت بابها ففتح ورأت كريتشن تعض يديها من الألم، ورأت الكونت دي مازير قربها يبكي لتوجعها بكاء الأطفال.
29
على أنه كان لكريتشن ثلاثة يحمونها، وهم فريتز والكونت دي بوفوازين وراوول.
ويذكر القراء أن راوول كتب إلى كريتشن يوم سفرها مع الأميرة إلى ميونخ فلم تتمكن من فتح كتابه إلا بعد السفر، مما دعا إلى الإباحة لها بجميع ما بسطناه عن نكبات عائلتها.
غير أن فريتز كان واثقا من إخلاص الأميرة، فلما وصلوا إلى ميونخ حمل كريتشن على أن تكتب كتاب الشكر لراوول، وأن تخبره أنها آمنة من كل خطر.
ناپیژندل شوی مخ