231

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

حتى إذا اقتربت من باريس فتحت عينيها فجأة وقد اتقدتا بشهاب من نار، فشدت على يد تنوان وقالت لها: لقد علمت. - ماذا علمتي يا سيدتي؟ - اسم مزاحمتي في الكونت.

فأجابتها بلهجة المتهكم: أحقا ما تقولين؟ - إنها كريتشن، وقد كان يجب أن أفطن لغرامها قبل الآن.

فقالت لها النورية: لك يا سيدتي أن تظني ما تشائين، أما أنا فإني لا أنكر ولا أثبت ما تقولين.

فارتعدت الأميرة وقالت: نعم، نعم ... هي بعينها، ولكني سأعذبها أشد العذاب، وأنكل بها أفظع تنكيل، ويح لهذا الإنسان ما أكفره بالنعمة!

إني أحسنت إلى هذه الفتاة وعفوت عنها في حين أن أباها قتل أبي، وحنوت عليها حنو الأمهات، فكان جزائي منها أنها سلبتني قلب من أحب وعاملتني بالجحود والكفران ... نعم، لقد صدق القائل حين قال: اتق شر من أحسنت إليه، إلا أن خيانتها إذا كانت شديدة فسيكون انتقامي أشد.

فقالت لها تنوان: إنك يا سيدتي سيدة عظيمة، وما أنا إلا نورية حقيرة، ولكن أهل بلادي يعرفون أساليب الانتقام أكثر مما يعرفها جميع الناس. - كيف ينتقمون في بلادك؟ - إني لو كنت يا سيدتي في مكانك لما انتقمت من خصيمتي بالقتل، فإن عذاب القتل لحظة، بل انتقمت بما هو أشد من القتل فقتلتها كل يوم مرارا. - ماذا كنت تصنعين؟ - إني أبدأ فأسلبها ولدها الذي ستلده.

فبرقت عينا الأميرة وقالت: وبعد ذاك؟ - أكرهها على الزواج برجل لا تحبه، ويكون هذا الرجل من أهل الشر والفساد فأجعله آلة بيدي لتعذيبها.

فقالت لها الأميرة: لقد أصبت يا تنوان، فإن حقدي عليها لا يموت بموتها ولا يبرد غليلي إلا الانتقام منها في كل يوم. - أتجرين إذن على طريقتي؟ - دون شك. - ولكن الانتقام يا سيدتي على ما أعرفه أنا مادة لطيفة منحصرة في زجاجة رقيقة، بحيث إن أقل ارتجاج يصيبها يكسرها ويسيل تلك المادة التي هي فيها. - ماذا تقصدين؟ - أعني إذا استحسنت خطتي وجب أن تجري عليها إلى النهاية. - سأفعل، فما هي خطتك؟ - هي أن تبتسمي لخصيمتك وتتظاهري بالصفح عنها، فتخفي ما في قلبك من الحقد.

فابتسمت الأميرة، ثم استحالت هيئتها للفور من اليأس إلى الزهو وقالت لها: إني وريثة البارون ولدتر، ذاك الذي أباد عائلة بأسرها، ومثلي يعرف أن يخفي غضبه تحت ظواهر الرضا والابتسام.

ففرحت تنوان فرحا شديدا وقالت لها: إذن لم يبق لدي شك أنك ستنهجين النهج الذي أضعه لك وتدركين به ما تتمنين.

ناپیژندل شوی مخ