غير أن الكونت دي مازير لم يكن يحب حبا أكيدا من جميع من كان حوله غير كريتشن.
وجعلت الأيام تتوالى وأمك تبالغ في إخفاء غلطتها، حتى دنت الأيام التي لا يمكن بها للنساء أن يسترن هذه الزلات، وقد كانت في كل حين تتوسل إلى الكونت أن يرحمها ويفي بوعده بزواجها، فكان يعللها بالرجاء ولا يفي بما وعده.
إلى أن دنا موعد ولادتها، ولم يعد للكونت حيلة في التسويف، فكتب إلى باريس وطلب أن يستدعوه، فأجابه وزير الخارجية إلى ما طلب.
فلما ورده الإذن بالسفر وعلمت الأميرة بسفره أرادت أن تسافر معه، غير أن ملك بافاريا حال دون بغيتها ومنعها عن السفر، فسافر الكونت وحده وقد وعدها أنه لن يغيب غير بضعة أسابيع.
ولم يكن أحد في القصر قد وقف على زلة أمك غير امرأة عمك والدة لوسيان، وهي امرأة شريرة كثيرة المطامع لا تقف في سبيل أغراضها عند حد من الجرائم، في حين أن الناظر إليها يحسبها من ملائكة الله لجمالها.
أما مطامع والدة لوسيان فهي أنها رأت أن الأميرة كثيرة الضعف، وأن الأطباء قد رأوا أنها في الدرجة الأولى من السل، وأن هذا الداء الوبيل لم يبلغ منها مبلغه بعد لكثرة العناية بها، فقالت في نفسها: إنها إذا أصيبت بتأثير شديد قتلها التأثير، ولم تفدها عناية.
وقد كانت تعلم أنها تزوجت الكونت، وأنها لم ترزق منه بنين، فإذا ماتت فإن الكونت يرث مالا كثيرا من ثروتها الطائلة.
وكانت والدة لوسيان لا تزال في ريعان الشباب والجمال، فكان رجاؤها أن تتزوج الكونت بعد موت زوجته الأميرة.
وما زالت تعلل نفسها بهذا الرجاء حتى وقفت على غرامه بكريتشن، فكان غرام الكونت بأمك ضربة قاضية على آمالها، فوضعت عند ذلك خطة هائلة ولدتها لها قريحتها الجهنمية، ووصيفة نورية هي شيطان رجيم بصورة إنسان، فجعلت منذ ذلك الحين تتودد إلى كريتشن حتى باتت صديقتها الحميمة، وباتت أمك لسلامة طويتها لا تكتم عنها شيئا من أسرار قلبها لاعتقادها بصدق إخلاصها.
فلما أوشكت كريتشن أن تصبح أما باحت بسرها لوالدة لوسيان فقالت لها: لا تخافي، فأنا أنقذك من هذا الخطر.
ناپیژندل شوی مخ