وهنا ذهب كل تأثيرها عليه دفعة واحدة؛ إذ لا يخطر له في بال أن يغدو في حين واحد غنيا نبيلا من رجال السيف.
غير أن النورية لم تكترث لعدم تصديقه نبوتها، فقد كانت منشغلة البال بهذا الخاتم الذي في إصبعه، حتى أوشكت أن تنسى المهمة التي جاءت من أجلها.
وكان الفجر قد انبثق، وبدأ ثغر السماء يبتسم استبشارا لطلوع الشمس، وانقطعت أصوات الأجراس في الدير إشارة إلى انتهاء الرهبان من الصلاة.
ثم أخذ الرهبان يخرجون أفواجا من الدير، فيذهب بعضهم إلى الحقول للاشتغال بالزراعة، وبعضهم إلى معامل الصنائع فيشتغل كلهم فيها بما تعلمه من المهن.
فنظر عند ذلك داغوبير إلى النورية، وكانت تائهة الفكر فقال لها: سأنعل جوادك الآن إن النهار قد تعالى.
ثم مشى يريد الخروج إلى الجواد فاستوقفته وقالت له: أرى أنك لم تثق بما قلته لك.
أجابها ضاحكا: كلا، ولكني سأنعل جوادك على كل حال. - ولكني واثقة كل الثقة، وما زلت تنعل الفرس دون أجرة فأرني يدك الثانية.
وبسط لها يده اليسرى فارتعشت بعد أن تمعنت فيها وقالت: إنها تشبه اليد اليمنى والخطوط الدالة على السعادة واحدة.
ثم أظهرت دهشة، فقال لها داغوبير: ما هذه الدهشة؟ لعلك رأيت شيئا جديدا؟ - نعم، إنك ستسافر.
فاصفر وجهه عند ذلك؛ لأن الأب جيروم قال له منذ ثلاثة أيام إنه سيسافر إلى باريس.
ناپیژندل شوی مخ