203

پیغام په الهیات او سیاست کې

رسالة في اللاهوت والسياسة

ژانرونه

9

فالديمقراطية هي اتحاد الناس في جماعة لها حق مطلق على كل ما في قدرتها، وتترتب على ذلك النتيجة القائلة: إن الحاكم لا يلتزم بأي قانون، ويجب على الجميع في كل شيء

10

لأنهم قد فوضوا له، بموجب عقد صريح أو ضمني، كل قدرة كانت لديهم على المحافظة على أنفسهم، أي حقهم الطبيعي كله. ولو أرادوا أن يحتفظوا لأنفسهم بأي شيء من هذا الحق، لكان عليهم أن يصبحوا في الوقت نفسه، قادرين على الدفاع عن هذا الحق دفاعا مؤكدا، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، وما كانوا ليفعلوه دون أن تحدث الفرقة ويسقط الحكم. ولهذا السبب نفسه خضعوا لمشيئة السلطة الحاكمة، أيا كانت هذه المشيئة. وبعد أن تم هذا الخضوع المطلق (كما رأينا من قبل) سواء أكان ذلك تحت ضغط الضرورة، أم طبقا لمقتضيات العقل نفسه - إلا إذا شئنا أن نكون أعداء للسلطة القائمة، وعملنا ضد العقل الذي يدعونا إلى الإبقاء على هذا التنظيم بكل قوانا - فإننا نصبح ملزمين بأن ننفذ حرفيا كل ما يأمر به الحاكم، حتى لو كانت أوامره غاية في التناقض. وهذا ما يأمرنا به العقل لأنه يعني اختيار أهون الشرين، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفرد يستطيع بسهولة مواجهة خطر الخضوع لإرادة الآخر ومشيئته؛ إذ إن الحاكم لا يكتسب الحق في أن يأمر بما يشاء إلا بقدر ما يملك السلطة العليا بالفعل، فإذا فقدها فقد في الوقت ذاته الحق في الأمر، وتحول هذا الحق إلى من يستطيع، أو من يستطيعون الحصول على هذه السلطة والمحافظة عليها؛ لذلك كان من النادر أن يعطي الحكام أوامر متناقضة للغاية، لأن فطنتهم وحرصهم على الاحتفاظ بالسلطة تجعلهم يهتمون إلى أقصى حد بالسهر على المصلحة العامة، وتوجيه دفة الأمور جميعا وفقا لأحكام العقل. وكما يقول سنيكا، لم يستطع أحد أن يستمر في الحكم طويلا عن طريق العنف، وفضلا عن ذلك، فإن الخوف من القرارات المتناقضة يقل في نظام الحكم الديمقراطي بوجه خاص وذلك لسببين: أولهما أنه يكاد يكون من المستحيل أن يتفق أغلبية الناس، داخل مجتمع كبير على أمر ممتنع. وثانيهما أن الغاية التي ترمي إليها الديمقراطية والمبدأ الذي تقوم عليه هو، كما قلنا من قبل، تخليص الناس من سيطرة الشهوة العمياء والإبقاء عليهم بقدر الإمكان في حدود العقل بحيث يعيشون في وئام وسلام. فإذا خضع هذا الأساس انهار البناء كله، فعلى عاتق الحاكم وحده تقع مهمة المحافظة على هذا المبدأ، وعلى الرعايا تنفيذ أوامره وألا يعترفوا بقانون إلا ما يسنه الحاكم. وقد يدعي مدع أننا بهذا المبدأ نحيل الرعايا إلى عبيد؛ إذ إن العبد، كما يظن الناس، هو من ينفذ أمر إنسان آخر، والحر من يفعل ما يشاء. غير أن هذا ليس صحيحا صحة مطلقة، فالواقع أن الفرد الذي تسيطر عليه شهوته إلى حد أنه لا يستطيع أن يرى أو يفعل ما تتطلبه مصلحته الحقيقية، يكون في أحط درجات العبودية، أما الحر فهو الذي يختار بمحض إرادته أن يعيش بهداية العقل وحده، أما السلوك الذي يتحقق تلبية لأمر، أي بالطاعة، فمع أنه يقضي على الحرية على نحو ما، فإنه لا يجعل من يقوم به عبدا في الحال، بل إن الذي يجعله كذلك هو الدافع الموجه للفعل؛ فإذا كانت غاية الفعل تحقيق مصلحة الآمر بالفعل، لا مصلحة الفاعل، يكون الفاعل عبدا لا يحقق مصلحته الخاصة، أما الدولة أو نظام الحكم الذي لا تؤخذ فيه مصلحة الآمر بوصفها قانونا أسمى، بل تراعي مصلحة الشعب كله - فمن الواجب ألا يعد من يطيع الحكم عبدا لا يحقق مصلحة خاصة، بل مواطنا، وعلى ذلك تكون أكثر الدول حرية تلك التي تعتمد قوانينها على العقل السليم. ففي مثل هذه الدولة يستطيع كل فرد - إذا أراد - أن يكون حرا،

11 ⋆

أن يعيش بمحض اختياره وفقا للعقل، وكذلك لا يكون الأطفال عبيدا، بالرغم من أنهم ملزمون بإطاعة أوامر آبائهم، لأن أوامر الآباء تبغي مصلحة الأطفال قبل كل شيء. فهناك إذن فرق كبير بين العبد والابن والمواطن، نصوغه كما يلي: العبد هو من يضطر إلى الخضوع للأوامر التي تحقق مصلحة سيده، والابن هو من ينفذ، بناء على أوامر والديه، أفعالا تحقق مصلحته الخاصة، وأما المواطن فهو من ينفذ، بناء على أوامر الحاكم، أفعالا تحقق المصلحة العامة، وبالتالي مصلحته الشخصية.

أظن أني بينت حتى الآن بما فيه الكفاية مبادئ الحكم الديمقراطي الذي فضلته على أنظمة الحكم الأخرى، لأنه يبدو أقربها إلى الطبيعة وأقلها بعدا عن الحرية التي تقرها الطبيعة للأفراد، ففي النظام الديمقراطي لا يفوض أي فرد حقه الطبيعي إلى فرد آخر بحيث لا يستشار بعد ذلك في شيء، بل يفوضه إلى الغالبية العظمى

12

من المجتمع، الذي يؤلف هو ذاته جزءا منه، وفيه يتساوى الأفراد كما كان الحال من قبل في الحالة الطبيعية. ومن ناحية أخرى، أردت الحديث صراحة عن نظام الحكم هذا لأنه أفضل نظام يوضح هدفي؛ وهو بيان أهمية الحرية في الدولة؛ لذلك لن أتحدث هنا عن مبادئ نظام الحكم الأخرى، فلكي نعرف ما هو الحق الذي ترتكز عليه، لا نحتاج (في الوقت الراهن على الأقل) إلى البحث في الأصل الذي كانت، ولا تزال، تستمد منه، فقد عرضنا لهذا الحق بما فيه الكفاية فيما سبق. فسواء أكانت السلطة العليا في يد شخص واحد، أو موزعة بين بعض الأفراد، أو مشتركة بين الجميع، فإن صاحبها يتمتع أيضا بحق مطلق في أن يأمر بكل ما يشاء، كذلك فإن من فوض مقدرته على الدفاع إلى شخص آخر بعينه، سواء أكان ذلك طوعا أم كرها، فقد تنازل عن حقه الطبيعي وبالتالي قرر إطاعة هذا الشخص في كل ما يأمر به، وهو يظل ملزما بهذه الطاعة ما دام الملك أو النبلاء أو الشعب يحتفظون بالسلطة العليا، التي كان تفويضه لحقه يرتكز على قبوله إياها. ولسنا في حاجة إلى الإفاضة في هذا الموضوع أكثر من ذلك.

13

ناپیژندل شوی مخ