Esdras ؛ لأن الروايات كلها تنتهي قبله، ويذكر الكتاب أن عزرا قد أعمل كل جهده في البحث في الشريعة وفي عرضها، ويذكر عزرا في السفر الذي يحمل اسمه بالشهادة نفسها، بأنه قد وهب حياته لتنقية الشريعة وعرضها، وهذا ما يفسر لنا سر الإضافات على سفر التثنية كما لاحظ ابن عزرا ذلك واختلاف صيغة الوصايا العشر في التثنية عنها في الخروج، وكذلك التغييرات التي طرأت على النص الأصلي. وقد سميت الأسفار بأسماء الأنبياء لأن النبي هو الشخصية الرئيسة التي يدور حولها السفر كله، فالأسفار الخمسة تدور حول موسى، ثم نسبت إليه، والسفر السادس يدور حول يشوع فنسب إليه، والسابع حول القضاة فسمي سفر القضاة، والثامن حول روث فسمي سفر روث والتاسع والعاشر حول صموئيل فسميا سفر صموئيل الأول والثاني، والحادي عشر والثاني عشر حول الملوك فسميا سفر الملوك الأول والثاني.
ولكن هل الكاتب عزرا هو من أعطى الروايات صيغتها النهائية؟ لم يكن عزرا هو من أعطى هذه الأسفار صيغتها النهائية، بل اقتصر عمله على جمع الروايات من كتب أخرى، ونسخها، ونقلها دون ترتيب أو تحقيق، مما يفسر وجود الروايات نفسها بألفاظ مختلفة في عدد من الأسفار، كما تثبت ألفاظ الرواية أنها كانت مكتوبة بعد أن حدثت الوقائع بزمن طويل. هذا الاضطراب الزماني
Anachronisme
هو الوسيلة التي يتبعها سبينوزا وكل النقاد في التعرف على زمن كتابة الرواية، والشك في نسبتها إلى مؤلفها المعروف.
25
ولقد نقل عزرا هذه الروايات في نصه دون تحقيق، وكثير من الروايات مستقاة من كتب المؤرخين، وهذا يفسر اختلافاتها فيما بينها، فمثلا نجد في الأسفار الخمسة خلطا بين الروايات والوصايا بلا ترتيب، كما نجد الاضطراب الزماني، وتكرار القصص نفسها مع اختلافات جوهرية في الألفاظ، مما يؤكد أننا أمام مجموعة من النصوص المجموعة بلا فحص أو ترتيب. وهذا موجود أيضا في الأسفار السبعة التالية حتى هدم المدينة؛ لذلك جاءت النصوص منقوصة ومتعارضة؛ لأنها مأخوذة من مصادر متعددة، ولم ينجح الأحبار في محاولاتهم للتوفيق بينها. لقد جهل العبرانيون الأوائل لغتهم، ولم يعرفوا كيفية وضع نظام في الرواية، ولم يكن هناك منهج أو قاعدة تتبع في تفسير الكتاب، وكان كل راو أو كاتب يفسر حسب هواه، ولم تحفظ الأجيال الماضية هذه الأسفار حتى تسربت الأخطاء إليها، فلقد لاحظ النساخ الأوائل صيغا مشكوكا فيها، وفقرات ساقطة دون أن يحصوها كلها. ولا توجد أخطاء كثيرة في النصوص التي تحتوي على التعاليم الخلقية، أو هناك أخطاء ولكن لا تؤثر في جوهر هذه التعاليم، واتفاق الروايات مع بعضها البعض. وفيما عدا ذلك، هناك أخطاء كثيرة يدعي المفسرون المتحذلقون أنها أسرار إلهية، أبقاها الله في الكتاب بعناية، فيؤولون النقاط والحروف والعلامات، حتى المسافات البيضاء التي يتركها النساخ، وهذا كله ادعاء كاذب، ويناقض العقل، فلا توجد أية أسرار في الكتاب، كما تدعي القبالة. أما التعليقات الهامشية، فهي صيغ مشكوك فيها، أراد الناسخ وضعها في الهامش لقراءات محتملة إذا التبست عليه الحروف - ولم يضعه الأنبيا أو الرواة كما يدعي الفريسيون - حتى يختار القراء إحداها، وقد تكون أخطاء عن غير عمد، لم يشأ الناسخ تركها؛ لأنها جزء من الوحي، والحقيقة أن قراءات الهامش تحتوي على بعض الكلمات القديمة التي لم تعد تستعمل أو بعض الكلمات المكشوفة التي تحرج الناسخ من وضعها في النص، ومع ذلك، فهي صيغ مشكوك فيها بالرغم من اتفاق بعضها مع قواعد اللغة العبرية أكثر من اتفاق النص الأصلي معها؛ لذلك رفضها الماسوريون. ويوجد أكثر من صيغة، ولكنها لم تصل إلينا. ومما لا شك فيه، أنه كانت هناك صيغتان على الأقل للنص، بسبب استبدال الحروف، ولأن الناسخ لم تكن لديه إلا نسخ قليلة، نسختان أو ثلاث على الأكثر، ولم يكتب عزرا نفسه شيئا من هذه القراءات، ولم يشأ النساخ تغييرها بدافع من الورع الديني.
خلاصة القول إن أسفار الكتاب المقدس لم يكتبها مؤلف واحد في عصر واحد لجمهور واحد، بل كتبها مؤلفون كثيرون في عصور متعاقبة لجماهير مختلفة في المزاج والتكوين، ويمتد التدوين إلى ألفي عام وربما أكثر من ذلك.
26
فإذا فحصنا باقي أسفار الكتاب سفرا سفرا، وجدنا أن سفر أخبار الأيام قد كتب بعد موت عزرا بمدة طويلة ، وربما بعد إعادة بناء المعبد، ونجهل مؤلفه ومقدار سلطته، وفائدته، وعقيدته، بل إننا لنعجب من إدخال هذا السفر في الكتاب المقدس، واستبعاد سفر الحكمة، وسفر طوبيا، وغيرها من الأسفار التي يقال عنها أنها منتحلة.
27
ناپیژندل شوی مخ