پیغام په دینونو د خپریدو طریقه بیانولو کې
رسالة في بيان كيفية انتشار الأديان
ژانرونه
وعلى هذا الوجه انتشر الإسلام في الممالك المفتتحة، وفشى بين شعوبها الأصليين بالتدريج دون أن يكون للسيف أو الإكراه في إسلامهم دخل قط، هذا فضلا عما كان بعد ذلك، ولم يزل إلى الآن من دخول الناس في الدين الإسلامي أفواجا أفواجا، حتى من سكان الممالك التي لم تطلها قدم فاتح إسلامي كأهل سبيريا الذين يبلغون اثني عشر مليونا من البشر لم يكن فيهم غير المسلم، إلا ما قل من الوثنيين الذين أكرهتهم الدولة الروسية مع بعض المسلمين على التدين بالدين المسيحي منذ انقراض الدولة الإسلامية هناك، والغريب أن بعض جغرافي الإفرنج لا يذكرون في كتبهم اسم مسلم سبيري إلا ما قل، مع أنها بلاد مسلمة قامت فيها دولة الإسلام منذ سبعمائة سنة تقريبا، ولم تزل حتى انقرضت من نحو مائتي سنة، وكان آخر ملوكها كوجوم خان، وكقبائل القزعين والجفتاي والتتار المنتشرين في أطراف الصين الذين يبلغون مع مسلمي الصين سبعين مليونا من البشر كلهم من أهل الإسلام، مع أن الجغرافيين من الإفرنج يزعمون أن عدد المسلمين بالصين لا يزيد عن خمسة عشر مليونا، فتأمل، هذا فضلا عن سكان جزائر المحيط
11
وسكان إفريقيا من السودانيين الذي تبين بعد البحث والتدقيق أن ثلاثة أرباعهم من المسلمين، وأن الإسلام لم يزل يمتد بينهم بسرعته الغريبة إلى الآن.
فهؤلاء الشعوب أرباب العناصر المتباينة والممالك المتباعدة الذين نشأ فيهم الإسلام وانتشرت بينهم كلمة الإيمان في أزمنة متفرقة دون أن تطأ بلادهم قدم فاتح إسلامي، ماذا يقول العقلاء عن كيفية قبولهم للإسلام، أليس بالرضا والاختيار دون إكراه ولا إجبار؟! وبالإجمال فالمسلمون بالكرة الأرضية الآن يبلغون نحوا من ثلاثمائة وخمسة وأربعين مليونا من البشر،
12
لا يأتي للمكابر مهما غلبت عليه أميال التعصب أن يأتينا ببرهان على انتشار الإسلام بينهم بغير قبول عقولهم لما جاءت به الشريعة الإسلامية، فدخولهم في الإسلام بالرضا والاختيار، ومع ذلك فعلى فرض قيام الإسلام بالسيف - وهو ما لم يقم به ثبت مما مر عليك - فذلك لا يعيب الأديان، وإلا لعاب الدين المسيحي الذي لم تقم له قائمة إلا بقوة السيف، فلو كان ذلك يمس بجوهره الحقيقي لسقط اعتباره بين البشر، بل واعتبار غالب الأديان ومعاذ الله أن يكون ذلك كذلك، بسبب ما أوضحناه لك مفصلا في الفصل الأول والثاني، وبدليل تمسك الإنسان بالأديان على اختلاف الأزمنة منذ النشأة الاجتماعية إلى الآن.
مطلب كيفية قيام النصرانية وانتشارها في الأرض
وأما أن الدين المسيحي قام بالسيف، فبيانه أنا قدمنا لك في الفصل الثالث سبب اكتناف الضعف للدعوة المسيحية وبطؤ انتشار هذا الدين في بدأ الأمر بالنظر لما كان يلاقيه أشياعه من الاضطهاد والتنكيل، مما أوجب استعمال النصارى لطقوس العبادة سرا في أي مكان ظهروا فيه، وما زال بهم الأمر كذلك أجيالا ثلاثة، إلى أن قام الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول وانفرد بالملك سنة 324ب.م واعتنق الديانة المسيحية، ثم أصدر منشوره المعروف بمنشور ميلان الذي يطلق به حرية الأديان في الممالك الرومانية توصلا إلى دفع الاضطهاد عن المسيحيين وتمهيدا لنشر الديانة المسيحية في المملكة الرومانية، حتى تيسر له بهذه الوسيلة حماية المسيحيين بسطوة الملك وقوة السيف، بعد أن طرد اليهود من بيت المقدس وولى للقسوس،
13
فتأيد به هذا الدين وابتنى أهله الكنائس وأخذوا من ثم يجتمعون للعبادة جهرا بلا تهيب ولا مبالاة مدة تملك قسطنطين المذكور، وأما بعده فكان إمبراطورة الرومان منهم من ينحاز للمسيحيين فيثير ثائرة الاضطهاد والتنكيل على الوثنيين، ومنهم من ينحاز للوثنيين فيثيرها على المسلمين، إلى أن قام الإمبراطور يوقيانوس سنة 363ب.م وحذا في حمايته المسيحيين حذو قسطنطين، وأعلن الحرب المسيحية على سكان الممالك الأوربية الخاضعة للسلطنة الرومانية، فدبت في عهده ثانية روح الحياة في جسم المسيحيين فقويت شوكتهم وعظمت كلمتهم.
ناپیژندل شوی مخ