وأقام بعض المدن فى الواحات ، ولما مات دفن فى جبل الأهرام وكان ملك مصر بعده لأخيه .. مصرايم بن نقراوش .. وكان حكيما كاهنا ساحرا ، ومن جملة علمه أنه كان يسخر الأسود ، وكانت الجن والأسود يحملون سرير ملكه ، ولما أدركه الموت دفن فى الأهرام.
وملك مصر بعده من يسمى «عبقام» وهو من ذوى قرباه ، وقد أقام العدل فى الناس ، وفى عهده رفع إدريس فى أسوان إلى السماء ، ولقد أخذ الحزن والألم الصابئة لعروج إدريس فى السماء فأظهروا الفزع والجزع وانتحبوا فكفوا عن العبادات والطاعات. وتمثل إبليس اللعين فى صورة إنسان وادعى للناس أن صورته من الله وقال لهم سائلا : يا قوم ما لكم تبكون ويأخذكم شديد الأسى؟ ؛ وحكى قوم إدريس ما جرى من نقل إدريس ، وفى التو قال إبليس : يا قوم لا تحزنوا سأحضر لكم صورة إدريس وعلى كل منكم أن يحتفظ بصوره فى داره ، وفى كل يوم تشاهدون هذه الصورة كأنكم شاهدتم إدريس وهذا عزاء لكم. فصنع لهم صورة إدريس وحفظوها فى ديارهم ، وكلما شاهدوها ذهب عنهم الحزن ونعموا بالسلوى.
وبعد موت الصابئة رأى أحفاد أحفادهم صورة إدريس فى دارهم وقد توارثوها عنهم فزادت محبتهم لها ، وشرعوا يعبدونها وهذا أول عهد الصابئة بعبادة الأصنام ، وبقيت فيهم من قوم إدريس ومات كذلك الملك «عبقام» الذى كان فى عصر إدريس وخلفه «عرياق» ، وكان هاروت وماروت مصلوبان من قدميهما على مدخل غار فى مدينة بابل وسماع قصتهما يثير الفزع ، وأوصاف هذين الملكين مسطورة فى كتاب ابن جرير الطبرى ، ثم كانت وفاة «عرياق» وأفضى الملك من بعده لابنه «الوخيم» وهو الذى أقام مدينة «شرق أخميم» شيد سبعمائة دير ومات.
وجاء بعده ابنه «خصيليم» وعمر سبعمائة سنة وهو أول من أنشأ مدينة «أسوان» على شاطى النيل ، كما أنه أقام فى تلك المدينة أول مقياس وهذا يعنى أن مصر هى أيضا أم علم القياس ، وتأسيسا على علم الهندسة كذلك الترع فى جميع أراضى مصر ، وأجرى ماء النيل إلى كل زقاق فى مصر ، وروى أرض مصر فزادت محاصيلها وبطن كل الترع
مخ ۴۵