والفرات. فبان في الأفق البعيد خان دلي عباس والنخيل المحيط بعدة قرى أخرى ، فلوينا عنان خيولنا نحو الجهة الشمالية منها.
فتبين أنها أدين كوي (1)، وهي قرية جميلة جعلنا منزلنا فيها لتلك الليلة في دار الضابط العجوز جهانگير خان ، التركي النزيه المضياف. ولم نكن مقيدين هنا بالطعام اللازم للبشر والخيل على حد سواء ، لأن خدامنا كان لهم مطلق الحرية بأن يأخذوا ما يشاؤون منه لهم ولحيواناتهم. وأمر الضابط أن تكون حصتي الخاصة من هذه الغنيمة شيئا من الرز الفاخر. وقد كان جهانگير أغا هذا گرجيا بالولادة ، وحينما كان فتى يافعا أخذ أسيرا في أيام أغا محمد خان ثم ارتقى في خدمة عدد من الأسياد حتى أصبح في النهاية ملتزما لهذه القرية التي يدفع عنها إلى الحكومة شيئا يتراوح بين المئة تومان والثلاثمائة. وهو مثل غيره يتذمر من عناء الزمان وتعسف الحكومة في الابتزاز ، لكن الحقيقة أنه لم يكن يعوزه شيء للراحة في بيته على ما يبدو وأن كل ما كان عنده كان مستعدا ليشاركه غيره به عن طيبة خاطر. وقد كان من الواجب المحبب إلى النفس أن يبرهن لمثل هذا الرجل على أن السياح الإنكليز لم يكونوا ميالين إلى عدم تقدير الجميل الذي يعاملون به ، فكانت الهدية التي قدمتها له من جراء ذلك تفوق حد التصور على ما أعتقد. ولا بد لي أن أقول هنا أن الأتراك حتى الآن قد فاقوا الإيرانيين ، أو حتى الكرد ، في معاملتهم للضيف من حيث المجاملة أو التحرر. على أن هناك نقطة واحدة كنت أود في بعض الحالات أن يتم إصلاحها. فهم يعتبرون من واجبهم في الضيافة أن يتكرموا بالكثير من صحبتهم على ضيفهم ، مما قد يكون شيئا حسنا للغاية فيما لو كان الضيف يفهم لغتهم لأن ذلك يمكن أن يتيح الفرصة لحصوله على الكثير من المعلومات لكنه من سوء حظه ، كما هي الحالة في قضيتي ، أن يكون غير ملم بلغتهم فإن ذلك يصبح ثقلا خطيرا عليه. لأن حضورهم يحول دون قيامه بإنجاز مختلف الأعمال التي لا بد له من اغتنام الفرصة السانحة لإنجازها.
مخ ۶۶