قلت : إن الناس غير مخطئين فيما يذهبون إليه من أمر الحجاج ، فكما أن الله عظيم العفو ، فهو عظيم العدل أيضا سبحانه وتعالى ، إن لم يعاقب مثل الحجاج على ما سفك من دماء الأبرياء ، فمن يستحق العقوبة إذا؟!!
وقال ابن خلكان (1) عن مرضه : إن الله سلط عليه الزمهرير ، فكانت الكوانين تجعل تحته مملوءة نارا ، وتدنى منه حتى تحرق جلده ، وهو لا يحس بها.
وشكا ما يجده إلى الحسن البصري رضياللهعنه فقال له : قد كنت نهيتك أن تتعرض للصالحين فلججت.
فقال له : يا حسن لا أسألك أن تسأل الله أن يفرج عني ، ولكن أسألك أن تسأله [أن] يعجل قبض روحي ، وألا يطيل عذابي.
ولما جاء موت الحجاج إلى الحسن البصري سجد لله تعالى شكرا ، وقال :
** اللهم إنك قد أمته فأمت عنا سنته
وكانت وفاته بمدينة واسط ، ودفن بها ، وعفي قبره ، وأجري عليه الماء.
قلت : ليس الحجاج مسؤولا فيما أتاه من الموبقات وقتل من قتل من عباد أكثر من عبد الملك بن مروان ، الذي استعمله وأملى له ، وكان ولاه العراق وخراسان ، وولاه قبل ذلك الحجاز ، وكانت له إمرة بدمشق ، ولا يزال فيها بناء اسمه قصر حجاج أظنه منسوبا له (2)، ولما توفي عبد الملك ، وتولى الوليد أبقاه في عمله ، فكأنه أعجب بني أمية.
مخ ۲۳۶