310

والسقي والطبخ وعلف ال بالسعي على ما يقوتهم فلا يكادون ينامون إلا قليلا وأما المستوقة والباعة والجمالون من فلاحي مصر فلهم قوة وفرط صبر على مكابدة أعظم من ذلك فبالليل يسيرون وبالنهار يعملون في البيع والشراء والسقي والطبخ وعلف الإبل وإصلاح أقتابها ومداواة جراحاتها فلا يكادون ينامون حتى القليل.

أقول قال شيخنا أبو سالم وقد أخبرنا عن بعض من اعتاد السفر في درب الحجاز من الجمالين أنه لم ينم من يوم خرج من مصر إلى أن رجع إلى مصر مائة يوم وهذا كالمحال عادة فان صح فهو من أغرب الغرائب ولعله كان لا يضطجع للنوم على هيئة القاصد لذلك بل يغفي إغفاءة تارة على ظهر بعيره وتارة في وقت انتظار حاجة أو فراغ من أكل أو ما يظاهي ذلك فإن كان مثل هذا فلا يستبعد انتهى.

وأما من لم يقصد الذهاب مع المصري من المغاربة فلا يخرجون إلى اليوم السابع والعشرين من شوال وينزلون بالبركة عند رحيل الركب المصري أو قبله بقليل.

قلت وهكذا كانت العادة وقد يؤخرون في هذه الأواخر بحسب تجهيزهم وتهيئة زادهم وما يحتاجون إليه لمسافة الدرب أمامهم ولله در العلامة الصلاح الصفدي (1):

درب الحجاز مشقة لكن إذا

الجمال هان تسهلت أهواله

وقال أيضا في المعنى :

مخ ۳۳۴