239

وفقه الله وستره وجعل البركة في أولاده بفضله ورحمته.

وبعد السبخة بئر حسان أقول فيه ما قال شيخ شيوخنا سيدي أحمد بن ناصر بئر حسان بئر (1) منقور في حجر تجتمع فيه مياه المطر فإذا فرغ المجتمع فيه بقي محله يرشح بماء قليل يجم في قعره يبل به الظمآن فمه وبإزاء هذا الماجل قرى خالية لم يبق إلا رسومها تسمى فيها مضى قرى حسان إضافة إلى بانيها وكان عاملا لبني أمية لما نقض أهل أفريقية العهد في آخر خلافة بني مروان بنى هنالك قصورا وأقام فيها نحوا من ثلاثين سنين حتى افتتحها بعد ذلك حسبما ذكر من أرخ فتوح أفريقية وسمي المكان باسمه إلى الآن وقد تقدمت أشارة إلى شيء من ذلك أقول وبإزاء هذه الطريق بئر مطراو (2) وقد اسقينا خيلنا منه في الرجعة أنا وسيدي محمد الشريف وصهره الشريف من مسراتة وسيدي أحمد بن حمود وغيرهم وماؤه طيب غير انه واحد ومع وحدته لا يكفي الركب وليس لقلة مائه وإنما هو لكثرة الازدحام والتشاجر.

وبعد ذلك نزلنا الزعفران فوجدنا فيه الخصب العظيم ما رأيناه قط وأنوار النبات تغشي الناظر فلما نزلنا به ورأينا ذلك اطمأنت قلوب الحجاج لأن رؤية الخضرة والبحر والوجه الحسن تزيل الهم والغم والأحزان وماؤه أطيب المياه وأحسنها وهو أبيض كاللبن لكونه في رمل صاف ما علمت ماء في برقة كهو في جملة أبارها.

وظعنا منه فلما وصلنا وقت الضحى مررنا على معطن الأحمر ووجدنا فيه عربا كثيرا وهم عرب عبد الهادي وسيف النصر وهم عرفاؤهم وشيوخهم وهما قد

مخ ۲۶۲