238

أوحش منه ولا أثقل طلعة على الحاج في ذهابه لا سيما المعاود لما يستشعر بعده من المهامه والمفاوز والمعاطش التي يحار فيها الدليل كما لا آنس منه ولا أبهى منه في منظر الائب أي الراجع من الحج لدلالته على انقضاء المفازة وقرب العمارة ونخيله آخر نخيل يراه الذاهب وأول ما يراه الحاج قال وبآخر الهائشة واد من الملح يجري الماء على أرض من الملح فلا الماء يجمد ملحا ولا الملح يذوب ماء وأظن ذلك لقوة ملوحة الماء ونداوة الملح (1) انتهى كلامه.

أقول وظعنا من أبي كدية ومررنا على العوينات وماؤها كثير ومع كثرته متفرق غير أن فيه ملوحة إذ لا تستطيع الدواب شربه إلا واحدا أو أثنين من أطرافها من جهة تورغا فماؤه طيب إذ أهل البلد أخبرونا به وأيضا سيدي محمد الشريف صاحبنا يرصده فسقينا منه الدواب وكذا رفع منه من خصه الماء للزاد وما أحسسنا بحر الشمس إلا في هذه السبخة المذكورة إذ سافرنا بها زمان الشتاء وان الإبل أيضا قد بقي منها كثير لأنها عطبت من حمل الأثقال العظيمة من مدينة بسكرة إلى طرابلس وإنما خفف الكرب من الأحمال ببعثها في السفينة إلى الإسكندرية ثم إلى مصر غير أنها أضناها ذلك الثقل أيضا وأنها جاعت أيضا في إقامة الركب في طرابلس لقلة عيشها وبعد ذلك وبعد تلك المرحلة والمرحلتين بقي جمل للأخ في الله الفاضل الفقيه سيدي محمد نجل الفقيه الشيخ سيدي أحمد بن المبارك وتركه في الطريق إلى المبيت فلما أخبرني بذلك أخبرت سيدي محمد الشريف فبعثنا إليه رجلا بدويا من عرب ذلك الوطن أعطيناه له بالنصف فلما رجعنا استخبرنا عنه قالوا أتى به وأعطاه إلى بعض أحبابنا من مسراتة ثم إن المكرم محب الصالحين آغة أعطى ناقة للفاضل الفقيه أخيه سيدي عبد الكريم لوجوهنا رغبة في دعاء الخير منا وهو يتولى ذلك الجهل

مخ ۲۶۱