ذلك أنه عندهم في كتبهم أن سسليوه القسيس الكبير ... (36) الأسكفة كان عنده أسرار وأمور ربانية من زمن سيدنا عيسى عليه السلام أو قريبا منه ، وأنه أودعها مكتوبة في جبل يسمى بابلطان (37)، وبحث واحد من الباب عن هذا الجبل وقيل له أنه بإيطاليا فأمر أن يحفر كله ويغربل ترابه في طلب الكتب ولم يجدوا شيئا. سمعت هذا الكلام بمدينة غرناطة من بعض الناس ولا تحققت حتى سألت عن ذلك القسيس بعد أن عرفته ، وذكر لي الحكاية كما سمعتها من غيره. ولما فتشوا في الغار وجدوا بعض الحجار معقودة فكسروها ووجدوا في قلب كل حجر كتابا وورقة رصاصا (كذا) وكل ورقة قدر كف اليد أو أقل قليلا ، وهي مكتوبة بالعربية فأمر القسيس الأندلس المذكورين ، وهم : الاكيحل ، والفقيه الجبس رحمهما الله وغيرهما ، بترجمة الكتب فوجد في أحدها ذكر الرق الذي كان بأيديهم قبل ذلك العهد بنحو السبع سنين فاشتد حرصهم على فهم ما في الرق. وواحد من القسيسين المقربين للقسيس الكبير كان يتعلم يقرأ العربية ، وبسبب ذلك كان يلزم الحكيم محمد ابن أبي العاصي حفيد الشيخ الصالح الجبس المذكور أنه يترجم [الكتب] (38) ومن أجل جده كان يقرأ بحضرة النصارى بالعربية. والكتاب الذي كان يقرأ للقسيس يسمى بنزهة المشتاق في اختراع الآفاق (39)، وكنت أحضر معهما ، ولم نظهر للنصراني أنني نقرأ بالعربية لما كانوا يحكمون فيمن ظهر عليه ذلك ، وبينما كان يقرأ في الكتاب كانا يتوقفان في بعض الكلمات وفهم معناها ، فكنت أقول لهما لعله كذا فيجداه كذلك ، ونظرني القسيس وقال : أنت تعرف تقرأ بالعربية ، فلا تخف ، لأن القسيس الأعظم يطلب على من يعرف شيئا من القراءة العربية لعله يبين شيئا مما ظهر مكتوبا بذلك اللسان وحملني إلى داره ، وكان عنده كتب في كل فان ولسان ، وأخرج لي كتابا
مخ ۲۹