============================================================
وموجات من الضياع الناتج عن الانغماس في مجالس اللهو الغاصة بالشعراء المجان، والمخنثين الوافدين، والغانيات من بائعات اهوى، ورواد زقاق الخمر ال وذائقي خيال الليل تحت أغصان الكروم وبين خرير الجداول، وسلطان العيون الفاجرة.
وموجات من الضياع الناتج من فطنة شيوخ المذاهب الدخيلة الوافدة التي ستهدف أولا هدم أصول العقيدة في أكثر أوساط المجتمع عددا ، وأشدهم شعورا بالفراغ، واستعدادا للهجوم، وليس ذلك الوسط إلا وسط العامة الذين ضلوا بلا راع يحميهم غائلة الغزو الفكري، والتعقيد النفسي، والتردي في أوحال الرذيلة العمياء.
وكانت مهمة قيادة هؤلاء العامة إلى بر الأمان شاقة وعسيرة، فالأهواء متباينة وعقد النفس ختلفة، والحجب تختلف كثافة ورقة، والبيئات شتى، والشهواتا مستحكمة، إلى غير ذلك من مظاهر التباين والاختلاف، دون أي غاية تربط بين هذه الجماهير الهائلة من شعب الإسلام.
كانت هناك مدرستان هائلتان من مدارس الفكر الإسلامي في عصر الإمام المحاسبي، مدرسة أهل السنة بزعامة الإمام أحمد بن حنبل، وهي مدرسة تقوم على اساس أن الدين نصوص تفسرها أسباب النزول. وإلى جانب تلك المدرسة تقوم مدرسة الاعتزال التي تقوم على أساس أن الدين نصر يفسره العقل وحده .
ونحن إن كنا نعيب بعض مسالك المعتزلة ، ونؤيد مذهب أهل السنة إذا تكامل نصه وأسباب ونزوله بوجدان الإسلام العميق، وسبحات الروح النقية بين قممه وشوامخه، فليس للفكر الإسلامي غنى عن النص وأسباب النزول ولاغنى عن العقل وموازينه، ولكننا لا نجرد الإسلام الغني الفسيح الآفاق ، العظيم في جوانب عديدة من وجوهه من مدرسة ثالثة هي مدرسة الذوق الروحي، الذي يجمع إلى النص والعقل ذوق الوجدان، وكانت تلك المدرسة الثالثة بزعامة الحارث بن أسدا المحاسي.
مخ ۶