ومما يدل عَلَى أنّ لا ذكر للفظ الجمعة في حَدِيْث الزهري هَذَا، أن البيهقي بَعْدَ أن رَوَى الْحَدِيْث من طريق معمر عن الزهري، نقل قَوْل الزهري عقبه: «والجمعة من الصلاة» . وعقَّب عَلَيْهِ فَقَالَ: «هَذَا هُوَ الصَّحِيْح، وَهُوَ رِوَايَة الجماعة عن الزهري، وفي رِوَايَة معمر دلالة عَلَى أنّ لفظ الْحَدِيْث في الصلاة مطلق، وأنها بعمومها تتناول الجمعة كَمَا تتناول غيرها من الصلوات» (١) .
ومن هَذَا يتبين وهم بقية إسنادًا ومتنًا، وَقَدْ نص عَلَى هَذَا الإمام أبو حاتم الرازي، إِذْ سأله ابنه فَقَالَ: «سألت أبي عن حَدِيْث رَوَاهُ بقية، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر (٢)، عن النَّبِيّ ﷺ قَالَ: «من أدرك ركعة من الجمعة وغيرها فَقَدْ أدرك الصلاة. فسمعت أبي يقول: هَذَا خطأ إنما هُوَ الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ ﷺ» (٣) .
وَقَالَ الحافظ ابن حجر: «إن سَلِمَ من وهم بقية، ففيه تدليسه التسوية؛ لأنه عنعن لشيخه» (٤) .
وَقَالَ ابن أبي حاتم أَيْضًا: «سألت أبي عن حَدِيْث رَوَاهُ بقية، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ ﷺ قَالَ: «من أدرك ركعة من
(١) السنن الكبرى ٣/٢٠٣.
(٢) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عَبْد الله بن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي المكي ثُمَّ المدني، أسلم صغيرًا، وهاجر مع أبيه وَلَمْ يبلغ الحلم، توفي سنة (٧٤ هـ) . معجم الصَّحَابَة، لابن قانع ٨/٢٩٩٢
(٥٢١)، وأسد الغابة ٣/٣٣٧، والإصابة ٢/١٣٤٧.
(٣) علل الْحَدِيْث ١/٢١٠ (٦٠٧) .
(٤) التلخيص الحبير ٢/٤٣، وفي الطبعة العلمية ٢/١٠٧. وانظر: التمهيد ٧/٦٤، ونصب الراية ١/٢٢٨.
12 / 9