على أننا إذا قلنا بالتعميم في إحساننا، إذا قلنا بإغاثة المنكوبين في وطننا الأشد حاجة منهم فالأشد، ففي قولنا هذا شيء من التخصيص. بل فيه معنى التخصيص الحقيقي. فاللجنة السورية اللبنانية لإعانة المنكوبين إنما هي لجنة تخصيص بالنسبة إلى اللجنة الأميركية العمومية. وهذا التخصيص في التعميم إنما هو المبدأ الوطني الذي لا يزال سائدا معززا في العالم. وجدير بالأمم المستضعفة - في الأخص - ألا تسترسل إلى نزعة هي أصلا بدوية، نزعة القبائل التي يقال فيها: «إن عيشها في رماحها» كل قبيلة، بل كل عشيرة، بل كل بيت لنفسه.
إن ضعفنا كأمة صغيرة لمن دواعي الشدة التي نحن فيها. فكيف بنا إذا جزأنا ضعفنا مائة جزء، لا صلة بعضها بين البعض ولا عاطفة وطنية أو عاطفة إحسان تربط بعضها بالبعض. إنما هذا عود إلى البداوة أيها الناس ونحن عن البداوة اليوم بعيدون. فأناشدكم بالله أن نعمل كأمة جمعت كلمتها ووحدت غايتها؛ ليكون لنا من ضعفنا شيء من القوة.
قلت إن لا يزال في الجالية السورية النيويوركية بصيص من الضمير الحي، من الإحسان الحقيقي، قد يستحيل غدا لهبة جميلة، بل نورا سماويا. وبرهاني على ذلك آخذه من قانون بعض اللجان الخصوصية التي أنشئت لغاية محدودة ولوقت محدود، فهي كلها تعترف بوجوب بل بوجود لجنة عمومية. وتقرر في قانونها أنها لا تناهض عقدها، بل تعضد كل مشروع وكل لجنة عمومية لإعانة المنكوبين. فهذا بصيص من الضمير الحي حول رماد الغايات الذاتية، والمآرب الخصوصية والمنافسات السياسية.
إخواني السوريين: لست - وأيم الله - ممن يحملون عليكم بالتشنيع والتقريع. إني لعالم بضعفنا وبمواطن الضعف في سوانا من الشعوب. فلا فائدة اليوم في التأنيب والتثريب.
قلت: إن اللجان الخصوصية أنشئت لغاية محدودة ولوقت محدود، ولا ريب عندي أنها كلها اليوم أجزاء حية عاملة مخلصة من اللجنة العمومية. وغدا - إن شاء الله - تجتمع الأجزاء وتتوحد وتتدعم في اللجنة السورية اللبنانية لإعانة المنكوبين.
لجنة واحدة في نيويورك لا غير، لجنة واحدة عمومية. وسيحق لنا - إن شاء الله - أن نفتخر بها، وبنتيجة مسعاها. لجنة واحدة نباري فيها لجنة إخواننا في مصر. لجنة واحدة تبرهن للسوريين في الوطن وفي المهجر أننا كلنا اليوم نعمل يدا واحدة، وقلبا واحدا، وروحا واحدة.
قد جمعتنا النكبة أيها الإخوان فقمنا نسعى للمنكوبين في الوطن أين كانوا. في بيروت أو في لبنان، في الشام أو في طرابلس، في حمص أو في حلب، وللمنكوبين من كانوا مسيحيين أو مسلمين. قد جمع الجوع بين أبناء الوطن، فليجتمع أبناء الوطن على الجوع.
كتاب إلى صحافي
حضرة الصديق الفاضل محرر جريدة ...
أدهشتني منك كلمة في مقالك «إعانة المنكوبين» بل أحزنتني. قلت - أعزك الله ولا أعز مقالك: الأمر المهم الآن هو أن يؤلف اللبنانيون المهاجرون لجان إعانة محلية - أي: أن أبناء كل قرية لبنانية في المهجر يؤلفون لجنة ... إلخ.
ناپیژندل شوی مخ