243

على الأرض السلام

«على الأرض السلام» مقالة طالعناها في جريدة تدعى الأبوقلبس، ننقلها إلى قراء اللغة العربية لا خدمة لدولة من الدول المتحاربة، ولا تعزيزا لمبدأ من المبادئ السياسية المتغالبة، ولا من أجل أمة من الأمم المنكوبة، ولا إكراما للحقيقة المهانة المصلوبة، ولا حبا بالوطنية التي أسكتت المدافع حكماءها، وبلبلت المخلصين من أبنائها، ولا بغية أن نهدي أحدا أو نضلل أحدا من الناس.

ننقل المقالة إلى قراء اللغة العربية؛ لأنهم ألفوا في هذه الأيام المنقول - معقولا كان أو غير معقول - والمألوف غالبا مستحب، والمستحب حجته برقبته، ونأسف أننا لا نستطيع أن نهدي كل واحد من القراء وبالأخص السوريين بركة من الأثر الذي عثرنا على الجريدة فيه، فالسوريون أجدر الناس بمثل ذي البركة والإكرام.

كيف لا ونحن أرقى الشعوب فكرا وأعظمهم قدرا، وأشرفهم نفسا، وأسلمهم عقيدة، وأبعدهم نظرا، وأشدهم على جواهر العقل حرصا، كيف لا وفينا شيء من كل الأمم ما سوى جنون الأمم، كيف لا، وقد رفضنا أن نحارب من أجل الوطن أو نبذل في سبيله استقلالا قليلا مما هو اليوم أبخس الأشياء، ولكن الدم السوري عزيز والنفس السورية أعز، والسوريون حتى البقالون منهم لم يؤخذوا بخزعبلات الوطنية وبما يزينه من الأوهام أدعياء الوطن، فهم أبعد الشعوب نظرا، وأثقبهم فكرة، أي والله! وأسماهم عقيدة، وأشرفهم نفسا، فالسلام على السوريين أينما حلوا، وكيفما ضلوا، وإليهم خصيصا نزف هذه المقالة من جريدة الأبوقلبس.

وقد يتساءلون: وما جريدة الأبوقلبس؟ ومن هو كاتب المقالة التي نشرفها اليوم بحلة عربية؟ فهاكم القصة:

لما كنا السنة الماضية في إسبانيا خرجنا ذات يوم من مدينة على شاطئ البحر المتوسط نبتغي النزهة، فوصلنا بعد أن اجتزنا مسافة خارج الصور إلى صخور تغسل أقدامها الأمواج وبينها بقايا مركب عرفنا من حرف على صفحة من حديد مكسرة مصدئة أنها غواصة (صبمارين) ألمانية، وبين بقايا هذه الغواصة عثرنا على فرد وجمجمة منشور رأسها وقد سد بالورق، فرفعنا السدة ففاحت من الجمجمة رائحة الخمر، فقلنا: وهذه من فظائع الألمان، يشربون الخمر اليوم بجماجم الأعداء مثل أجدادهم في غابر الزمان، ثم كشفنا الأوراق فإذا بها جريدة الأبوقلبس وفي صدرها ما يلي: «جريدة بشرية.»

تصدر في رأس كل سنة في أي لغة كانت في أي مكان كان، يحررها فريق من الكتاب لا وطن لهم ولا دين.

ويساعد في تحريرها بعض من كانوا بالأمس وزراء، وأصبحوا اليوم ممن ينطقون حقا، ويقولون صدقا، اشتراكها جمجمة من جماجم الأعداء.

وعلى هامش إحدى صفحاتها كتب بقلم رصاص ما يلي:

أنا جوهان شميت قبطان الغواصة

ناپیژندل شوی مخ