150

وفى نفس العام ثار توفيل بن ميخائيل قيصر الروم، وتوجه المعتصم لمحاربته، وفتح عمورية، وكان قاضى القضاة أحمد بن أبى داود يعاصره، ومن الفقهاء العظام إسماعيل المزنى وربيع المرادى، وكان المعتصم يميل إلى الاعتزال ويعتقد فى خفض الفرد، وكان له ثمانية أولاد وثمانى بنات، وبقى له ثلاثة أبناءهم: هارون، وجعفر، ومحمد. وكانوا يسمونه الخليفة المثمن؛ لأنه كان الخليفة الثامن لبنى العباس. ولد ببغداد فى قصر الخلافة سنة مائة وتسع وثمانين، وعاش ثمانية وأربعين عاما، وتوفى فى سر من سنة مائتين وسبع وعشرين، وكانت مدة خلافته ثمانية أعوام وثمانية شهور وثمانية أيام.

الواثق بالله أبو جعفر هارون:

كان الخليفة التاسع من خلفاء بنى العباس والثامن والعشرين بالنسبة للنبى (عليه السلام)، وأمه أم ولد قراطيس، تولى الخلافة بعد أبيه، وكان يشبه المأمون فلقبوه بالمأمون الأصغر، وكان له ولد هو أبو عبد الله محمد، وكان وزيره محمد بن عبد الملك، وتوفى أبو محمد خلف بن هشام البزار القمى فى بغداد فى سنة تسع وعشرين ومائتين، وكان بين الشيخ أبى الحسن أحمد بن أبى الحوارى الدمشقى، ومريده سليمان الدرامى عهد على أن لا يقوم بينهما خلاف، وكان سليمان متغيرا ذات يوم، فقدم أحمد، وقال: يا شيخ التنور مشتعل فبماذا تأمر؟، فلم يجب سليمان، وقال أحمد هذا ثلاث مرات، فقال سليمان: امض واجلس فيه، فمضى أحمد وجلس فيه، ولما مضت ساعة طلب سليمان أحمد، فقالوا: لا نعلم أين هو؟، فتذكر سليمان الحال، وقال: انظروا فى التنور فرأوه فيه وأخرجوه، ولم تحترق منه شعرة واحدة، فقال أحمد: إن كل من ينظر فى الدنيا راغبا فيها محبا لها أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه، وقال: كل من يعمل عملا دون أن يتبع سنة رسول الله (عليه السلام) فعمله باطل، وتوفى على بن جعد مولى بنى المخزوم، وكان من أصحاب الحديث.

مخ ۱۷۵