الجواب : الله أعلم وأنا كثير ما أتجافا (¬1) عن هذه المسألة وأتنكب عن الخوض فيها ، لأن عقول أمثالنا عن إدراك مثل هذه الحقائق قاصرة ، لكن ليس بدعا لو قيل فيها - على سبيل المذاكرة - إنه إذا لم يثبت ما قاله الجماعة في القرآن إنه صفة ذاتية ، فقد رجع القول بالضرورة أنه من صفات أفعاله سبحانه وتعالى وهو الظاهر فيه . وأما القطع فيه بأنه كان في نزوله عنه تعالى على صفة مخوصة معلومة لنا ,فلا سبيل إليه لجواز غيرها ,ومثاله:لو قيل أن الله تعالى خلقه مكتوبا كذلك في اللوح المحفوظ وأمر جبرائيل عليه السلام أن ينزل به على النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبعد ووجب أتكون يكون في التسمية والمعنى كلام الله ,كما أن التوراة هي كلام الله تعالى , وقد أنزلت على موسى_عليه السلام _كذلك ألوحا مكتوبة وفي نسختها من كل شيء , ويؤيد هذا قوله تعالى ((بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ)) (¬2) وقال: ((وإنه في أم الكتاب لدينا لعي حكيم)) (¬3) . ولو قيل أن الله تعالى أحدثه كذلك كلاما أسمعه جبرائيل_ عليه السلام _ كذلك كلاما أسمعه إياه وقولا أحدثه إليه ,وحيا منه بلا واسطة , فهو محتمل . ولو قيل أن الله تعالى ألهمه جبرائيل عليه السلام بالوحي في قلبه بما يعرفه انه عن ربه فينزل به أمره لكان محتملا أيضا . ويؤيده أنه تعالى نسبه إلى جبرائيل في بعض المواضع فقال : ((إنه لقول رسول كريم ذي العرش مكين مطاع ثم أمين )) (¬4) .
مخ ۵۶