المقدمة ... سبحانك يا من تفرد بالتنزيه ، وتعالى عن النظير (¬1) والشبيه ، واتصف بالكمال الذاتى فلا مكان يحويه ، ولا زمان يوجد فيه ، وجب له الوجود والقدم ، واستحال عليه الفناء والعدم ، قضى على جميع ما سواه بالحدوث وحكم ، ننزهك تنزيه من عرف حق الربوية ، واعترف بالعجز والعبودية ، ونصلي ونسلم علة مهبط وحيك ، ومبلغ أمرك ونهيك ، وعلى من اخترتهم له أصحابا فكانوا له من أعدائه كنفا (¬2) وحجابا على من دعا إلى ما دعوا إليه ، ودرج على ما درجوا عليه ، ما اضمحلت شبهة عن الأذهان ، وما قام ببيان الحق برهان .
أما بعد :
فإن الله تعالى قد من علينا بعقول نفهم بها معاني خطابه ، ونفقه بها أحكام كتابه ، وقد قال عز شأنه وجل (¬3) سلطانه (( ليس كمثله شئ )) (¬4) و (( خالق كل شئ )) (¬5) ، وقد أطبقت الأمة قبل ظهور المخالف ، على أن المراد من الآيتين ظاهرهما ، ثم نقضت المشبهة (¬6) أولاهما، والمعتزلة أخراهما، ونقضت الحنابلة (¬7) في ادعائهم قدم القرآن وعدم خلقه كلتيهما .
مخ ۳۸