وما لم يثبت في أحدهما لم يجز على الآخر . وأما اعتباره معنى ، فالقرآن الذي أنزله الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بواسطة الناموس الأعظم روح القدس جبرائيل عليه السلام هو هذا القرآن المتلو عندنا بالألسنة والمسموع بالأذان أصواتا مقطعة بحروف وكلمات مرتلة ، فلا يسع الشك في أنه هو القرآن الذي يجب الإيمان به على من بلغ إليه ، وتقوم به الحجة له وعليه . ومن شك فيه أشرك ، فكيف بمن رده أو أنكره .
وقد اتفقنا نحن والأشعرية على أنه مخلوق وصرح بذلك الشيخ أبو سعيد ومحمد بن محبوب - رحمهما الله - واتفق عليه أصحابنا المغاربة وفاقا للمعتزلة . ولا منكر لذلك فيما قيل ، إلا بعض الحنابلة جهلا منهم بالحق وعنادا ومكابرة بغير دليل . وإذا ثبت أن هذا هو نفس القرآن الذي لايسع الشك فيه ولا الجهل به ، والقول بأن القرآن صفة ذاتية قديمة كما صرحت به الأشاعرة ، يقتضي وجود قرآنين ، يجب الإيمان بهما: أحدهما الموجود عندنا,وهو الذي بعض به الرسول إلينا,وقامت به الحجة علينا,والثاني قران هو عند الله تعالى صفة من صفات ذاته القديمة الأزلية ,وهو عين هذا القران وحقيقته,إلا أن عقول البشر تقصر عنه فلا تبلغ إليه وهما مما اسأثر الله بعلمه ,وهذا غير مسلم لعدم الدليل عليه , ولأن الله لم يدعنا إلى الإيمان به , ولا عن غيره من الرسل في شيء من الكتب السابقة .
مخ ۵۳