وقد أنصف الإمام أبو سعيد الكدمي (¬1) - رضوان الله عليه - في هذه المسألة ، وأجاد في بيانها حيث قال : وقد سئل عن أسماء الله تعالى - هل هي مخلوقة أم غير مخلوقة ؟ فقد قيل : بأن أسماءه المسمى بها من الألفاظ الملفوظة والحروف الملحوظة المسموعة، التي سمى بها نفسه في كتبه أو وحيه أو سماه بها أحد من خلقه، فلا يستقيم إلا أن تكون محدثة، وأما ما سبق من ذلك من مكنون (¬2) علم الله ، الذي لم يزل عالما به، فلا يقال بأن علمه محدث ولا مخلوق، ولا يجوز أن يكون هو أسماء، ولا يكون ما سواه إلا وهو محدث . فمن خطرت بباله هذه الأسماء التي تذكر وتكتب وينتقل ذكرها من حال إلى حال، فذلك محدث مخلوق . ومن عرف معناها فعليه أن يعلم أن ما سوى الله تبارك وتعالى مخلوق وإذا لم يعرف معنى والمراد به من خاطر ذلك أو ذكرها وعلم أن الله تبارك وتعالى قديم وما سواه محدث من جميع الأشياء وأنه لا يشبهه شيء من جميع الأشياء في ذاته ولا في صفاته ولا اسمائه ولا حكمه ولا قضائه وسعه ذلك . إن شاء الله .
وكذلك القول في القرآن وتنزيله وكتابه وإحداثه من هذه الألفاظ الملفوظة والحروف المكتوبة المسموعة المنظورة، فهي محدثة مخلوقة، وأما ما سبق من علم الله، فلا يقال أن علم الله تبارك وتعالى محدث، كان بعد أن لم يكن . فلا يجوز هذا ونحوه عليه .
مخ ۴۹