لا بآلة ولا بقوة زائدة، بل سمعه عبارة عن علمه بالمسموعات وكذا بصره علمه بالمبصرات، وعلمه عبارة عن إحاطة ذاته بالأشياء على وجه الانطواء، من غير أن تصير أجزاء ذاته، كما هو التحقيق.
لما ذكر من المعارف ما يدل على الإلهية والتوحيد، أخذ فيما يدل على الرسالة والبعثة، فقال:
(احتج على خلقه برسله، وأوضح الأمور بدلائله).
ولما كلف الله العباد بمعرفته وعبادته؛ لأن المعرفة غاية وجودهم وغرض خلقهم، كما في قوله تعالى: (و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون). (1) أي ليعرفون، ومعرفتهم بالله وباليوم الآخر لا تحصل إلا من طريق النبوة والرسالة؛ لأن عقولهم غير كافية فيها، سيما ما يتعلق منها بأحوال المعاد وحشر الأجساد، فيحتاجون إلى معلم بشري وهو النبي والرسول أو من يستخلفه، فالمعرفة موقوفة على بعثة الرسل؛ لأن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب.
قوله (رحمه الله): (على حين فترة من الرسل).
" الفترة ": ما بين كل نبيين من زمان انقطاع الوحي.
قوله (رحمه الله): (وطول هجعة من الأمم). إلى آخره " الهجعة " - بالفتح والتسكين -: نومة خفيفة من أول الليل، وهي هنا بمعنى الغفلة والجهالة، من قولهم: رجل هجع - بضم الهاء وفتح الجيم - وكذلك " هجعة " على وزان " همزة " و " لمزة " و " مهجع " أيضا - بكسر الميم - على وزن " مصقع " و " محور " أي غافل أحمق.
وهذا اقتباس من كلام مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وتسليماته عليه، حيث قال في خطبة له (عليه السلام):
مخ ۴۵