قال أحمد: لعلك قد سمعت فى بعض ألفاظ من ينتحل هذا العلم من الفلاسفة: «الخميرة» لأن من آرائهم أن الشىء وإن كان قد جرى عليه نصف التدبير فإنه إذا خلط به من جنسه الأول تساوى معه فى النضج والإدراك.
قال أفلاطون: وهو إذا بلغ النهاية سم قاتل — إلى أن قال: إذ من عادته الجذب، وخاصة المجانس.
قال أحمد: إن الشىء البالغ هو الجوهر البسيط الواحدى الذات: فهو يجذب كل ما يشاكله. فإذا أكثر الإنسان النظر إليه أو داخل بعض الحواس ويكون الأكثر من أجزائه من خارج متصلا به فإنه يجذب ويقتل الحيوان — هذه الدرجة مثل العامل من روائح العمل فيجب أن يتحرز منه كل الاحتراز 〈أى〉 من مشام العامل فإنه إن شمه قتله فيجب التحرز منه. والآلة الأولى التى ذكرها الفيلسوف هى أسلم من هذه، وهى التفريق للغاية.
قال أفلاطون: وهذا فى بلوغه النهاية، فأما أن لو كان قبل استحالة تدبيره...
قال أحمد: إنه يظهر هذا الأثر منه وقد بلغ النهاية واستغنى العامل عن ملازمته. فأما إن لو كان ذلك يظهر منه قبل، لهلك مدبره قبل أن يتم تدبيره.
قال أفلاطون: وهو إذا أكلته مقو للروح زائد فيما يثبته.
قال أحمد: قد يجب أن تعلم أن الضرر الواقع على الإنسان من هذا الشىء ليس من أجل تضاده للروح، بل من أجل ملاءمته له. فإذا كان خارجا جذب؛ وإذا داخل الإنسان لازم وقوى شكله الذى ناسبه.
قال أفلاطون: وهو أيضا يعمى إذا نظر إليه. فإذا اكتحل به قوى نور البصر — إلى أن قال: وسائر الحواس أيضا كذلك.
مخ ۱۸۷