قال أحمد: الذى يضر من إسقاط النيرين فى العمل أن يكون لهما حظ فى الوقت الذى يعالج فيه العمل فيكون الإسقاط مما يفسد الوقت.
قال أفلاطون: والتفريق صفو صاعد حقيق أن ينسب إلى جنس الروح، وصفو سيال حقيق أن ينسب إلى جنس النفس، وجسد موات.
قال أحمد: لولا أنى إذا قصدت لكشف جميع ألفاظ الفيلسوف لطال الكلام وأشغل عن المقصود، لكان كشف ذلك مما ينفع الناظر فى هذا الكتاب. فمما كنت أحتاج أن أتكلم فيه وأطيل: الفرق بين الروح والنفس، وإخراج آراء الأوائل ومذاهبهم فيه. وإنى وإن لم أخرج القول بكماله — فسأخبر عما لا يستغنى عنه طالب هذه الصناعة:
اعلم أن الأشياء صفو يصعد منه، وصفو يستنزل منه: ينسب الفيلسوف الصاعد إلى جنس الروح إذ خص بهذا الاسم الجوهر المنفصل من الحيوان، وهو يشاكل الصاعد من العمل؛ ونسب الصفو السائل إلى النفس، إذ المخصوص بهذا الاسم الجوهر المداخل للحيوان الممتزج، فهو لامتزاجه مركب فى جسم سيال؛ ونسب الجسد المستخرج منه الصفو إلى الموات، إذ هو كذلك.
قال أفلاطون: والجنس السيال أثبت من الصاعد.
قال أفلاطون: إن الشيئين وإن تساويا فى الصفو لكان المرتفع أولى بأن يفوت العامل من السيال. فكيف وما صعد أصفى مما سال!
قال أحمد: يقول: لو تساويا فى الصفو، يعنى به المنسوب إلى الروح والمنسوب إلى النفس، لكان جنس الروح أولى بأن يفارق السفل من السيال؛ فكيف والصاعد أصفى من المستنزل!
قال أفلاطون: والصاعد مما كان فهو إلى البياض أقرب، والمستنزل تختلف ألوانه.
قال أحمد: قد دلك هذا الأثر أن الصاعد أصفى إذا كان يخصه اللون الواحد المنسوب إلى الضياء، والمستنزل بخلاف ذلك.
مخ ۱۸۱