قال أحمد: إن الخداع والمخرقة مجانسا الطبيعة لا يزالان معها وفيها. وقد كان الشيخ أفلاطون وضع فى كتابه المسمى «ديالغون» فى المقالة السابعة أشياء من هذا النوع. ويقول فى بعض فصوله فى هذه المقالة أن ليس شىء من الخداع بأنفذ عند العوام من ادعاء هذه الصناعة وأطماعهم فيها، إذ كان فى نيلها إدراك جميع لذات هذا العالم والمطلوبات فيه، فيبلغ من حرص الأنفس عليها ما يشغل ذوى الآراء العميقة عن التثبت والتفتيش عن صحة الشىء وباطله، فكيف الخلو من العلم والصفر من الرأى!
وقد كان للشيخ أفلاطون تلميذ يسمى أومانيطس قد ولع بطلب هذه الصناعة وتشاغل بها عن جميع العلوم؛ فكان أفلاطون يعظه ويدفعه عن مراده وما هو عليه. فكان لا تزيده العظة إلا حرصا والدفع إلا ولوعا. وكان مما يدعى أنه يصحح عنده هذا العلم والصناعة أنه قال: إنما رأيت الأشياء من الطبائع الأربع، ووجدت الحشائش والنبات منها، ووجدت البذر القليل يبذر فى الأرض فيستحيل من الأرض إليه ما كان ملائما له، حتى يصير من الشىء القليل الكثير. ووجدت الذهب والفضة وقد جانسا النبات فى الطبيعة، وجب أن تكون زيادتهما ونماؤهما إذا دبرا كالنبات.
فقال أفلاطون حينئذ: إنك قد ركبت يا أومانيطس بيداء مضلة وأنت أعمى عن مطلبك فليس يزيدك جولان الطلب إلا بعدا عن المراد. ولولا أنى قد رأيت من حرصك على هذا العمل ما لا أشك معه أنك إنما تريد به الاستمكان من الطبيعة لكنت أرشدك إليه، فيكون نيلك فى أقرب مدة. إلا أنك لما عدلت عن علم المخلص وسيرة الحق لم لم يسعنى أن أعاونك على ضلالك. غير أن مشاكلة جوهرية الإنس توفقنى لك بعطفى عليك، فأنا أبين لك فساد ما أنت عليه وإن لم أرشدك إلى صوابه.
مخ ۱۲۲