وادخلوا برصة لندن، ادخلوا هذا المكان الذي له من الحرمة ما ليس لكثير من البلاطات، تبصروا رسلا من جميع الأمم مجتمعين فيها نفعا للناس، تبصروا اليهودي والمسلم والنصراني يتعاملون كما لو كانوا أبناء دين واحد، فلا يطلقون اسم الكافرين على غير من يفلسون، وفي البرصة يثق البرسبيتاري بالتعميدي ويرضى الأنغليكاني بوعد الكويكري، ويذهب بعضهم إلى الكنيس ويذهب الآخرون إلى الشرب، ويذهب هذا ليمزج الخمر بالماء في دن باسم الآب من قبل الابن ذي الروح القدس، ويأمر ذاك بقطع قلفة ابنه، وبأن يدندن فوق ابنه بكلمات عبرية لا يدركها مطلقا، ويذهب هؤلاء الآخرون إلى كنيستهم كيما يرتقبون وحي الله لابسين قبعاتهم على رءوسهم مع رضاهم أجمعين.
ولو وجدت في إنكلترة ديانة واحدة فقط لاعترى النفوس خوف من الاستبداد، ولو وجدت فيها ديانتان، فقط لتذابحتا، ولكن يوجد فيها ثلاثون ديانة وهي تعيش سعيدة متسالمة.
الرسالة السابعة
حول السوسنية والآريوسية واللاثالوثية
توجد هنا فرقة صغيرة مؤلفة من إكليروس وكهنة غير قانونيين وغير حاملين اسم الآريوسيين ولا السوسنيين، ولكن من غير أن يكونوا على رأي القديس أثناس في موضوع الثالوث، فهم يقولون لكم بجلاء إن الآب أكبر من الابن.
أو لا تذكرون أن أحد أساقفة الأرثوذكس أراد إقناع القيصر بوحدة الجوهر، فعن له تناول ابن القيصر تحت ذقنه ونزع أنفه، وكاد القيصر يغضب على الأسقف لولا أن هذا الرجل السليم الطوية خاطبه بالكلمة الرائعة المقنعة الآتية، وهي: «مولاي، إذا كنتم، يا صاحب الجلالة، تغضبون من عدم احترام ابنكم، فما رأيكم فيما يعامل به الرب الآب أولئك الذين يبخلون على يسوع المسيح ما يجب له من الألقاب؟» ويقول الرجال الذين حدثتكم عنهم إن القديس الأسقف كان لا يعرف من أين تؤكل الكتف، وإنه لم يوجد ما هو أقل قطعا من برهانه، وإنه كان يجب على القيصر أن يجيبه بقوله: «اعلم أنه يوجد وجهان للإساءة إلي، وهما: أن يقصر في إكرام ابني وأن يكرم ابني بمقدار إكرامي.»
ومهما يكن من أمر فإن حزب آريوس أخذ يبعث في إنكلترة كما في هولندة وبولونية، ومما يشرف هذا الرأي استحسان السيد الكبير نيوتن له، فعند هذا الفيلسوف أن اللاثالوثيين كانوا أكثر منا برهنة هندسية، بيد أن الدكتور كلارك الشهير أقوى نصير للمذهب الآريوسي، ويتصف هذا الرجل بشدة الفضل ودماثة الطبع، وبكونه أكثر كلفا بآرائه من ولعه بصنع مهتدين، وهو، إذا قصر همه على الحساب والإثبات، أمكن عده آلة حقيقية للبراهين.
وهو المؤلف لكتاب على شيء من الاتساع، ولكن مع التقدير حول وجود الله، وهو المؤلف لكتاب آخر أكثر وضوحا، ولكن مع الاستخفاف، حول حقيقة النصرانية.
وهو لم يخض قط غمار المناقشات الكلامية الفلسفية الرائعة التي يطلق عليها صديقنا اسم الأحلام المكرمة، وقد اقتصر على طبع كتاب شامل لجميع شواهد القرون الأولى الملائمة للاثالوثية، والمناقضة لها تاركا للقارئ أمر عد الأصوات والحكم، وقد جلب هذا الكتاب كثيرا من الأنصار إلى الدكتور، ولكنه حال دون نصبه رئيسا لأساقفة كنتربري، وأظن أن الدكتور غلت
1
ناپیژندل شوی مخ