فأصاب سوط منها في وجهه، فقال: ويحك اكفف عن وجهى فإن له حرمة رسول الله ﷺ، فقال المنصور للجلاد: الرأس الرأس فضرب على رأسه نحوا من ثلاثين سوطا، فأصاب إحدى عينيه سوط منها، فسالت على خده، ثم قتله، ومضى ببنى حسن إلى الكوفة فسجنهم «١» بقصر ابن هبيرة، وأحضر محمد بن إبراهيم بن حسن وأقامه ثم بنى عليه أسطوانة وهو حى وتركه حتى مات جوعا وعطشا، ثم قتل أكثر من معه من بنى حسن، وكان إبراهيم القمر بن الحسن بن الحسن بن على ابن أبى طالب رضى الله عنهم فيمن حمل مصفدا بالحديد من المدينة إلى الأنبار، فكان يقول لأخويه عبد الله والحسن: أعوذ بالله من مناطهر منايا ما تمنينا ذهاب سلطان بنى أمية، واستبشرنا بسلطان بنى العباس، ولم يكن قد انتهت بنا الحال إلى ما نحن عليه، وقد قتل أبو جعفر أيضا إسماعيل الديباج بن إبراهيم القمر ومحمد بن إبراهيم فدفنه حيا، وكان لأبى القاسم الرسى بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج ضيعة بالمدينة يقال لها: الرّس، فلم يسمح له أبو جعفر بالمقام بها حتى طلبه، ففرّ إلى السند وقال (شعرا):
لم يروه ما أراقا لبقى دمّنا ... فى كل أرض ولم يقصر من الطلب
وليس يشفى غليلا في حشاه سوى ... أن لا يرى فوقها أبناء ليت بنى
وكتب صاحب السند إلى أبى جعفر أنه في خان بالمولتين مكتوبا يقول القاسم ابن إبراهيم طباطبا العلوى: انتهيت إلى هذا الموضع بعد أن انتقلت الدم من المشى، وقد قلت شعرا:
عسى منهل يصفو فترى طميه ... أطال صداها المشرب المتكدر
عسى جابر العظم الكسير بلطفه ... سيرتاح للعظم الكسير فيجبر
عسى صور أسا لها الجرح ... سيبعثها عدل يجىء فتظهر
عسى الله لا تيأس من الله إنه ... ييأس منه ما يعز ويعسر
فكتب إليه: قد فهمت كتابك وأنا وعلى وأهله كما قيل يحاول إذلال العزيز، لأنه بدأنا بظلم واستمرت مرائره واستحلف ريطة امرأة ابنه محمد المهدى ألا تفتح بيتا عرضه عليها إلا مع المهدى بعد وفاته، ففتحه مع المهدى، فإذا فيه من قتل من
1 / 71