رجلا شمّت «١» المنصور عند العطسة، فلما اشتكى ذلك إلى المنصور قال: أصاب الرجل السنة وأخطأ الأدب. فأين قول أبى جعفر من حديث النبوة الناطقة والإمامة الصادقة؟! والله ما الأدب كله إلا في السنة النبوية، فإنها هى الجامعة للأدب النبوى والأمر الإلهى، لكنه غلب على القوم الجبروت، ودخلت النفرة في أنوفهم، وظهر الخسران بينهم فسموا موائد العجم أدبا وقدموها على السنة التى هى ثمرة النبوة فزادهم ذلك جفاء وقسوة، حتى أن أبا جعفر كان بايع محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن «٢» على بن أبى طالب ليلة تشاور بنى هاشم فيمن يعقدون له الإمامة، وذلك حين اضطربت بنو أمية، فلما أقيم أبو العباس عبد الله بن محمد السفاح في الخلافة وعهد بها عند وفاته لأخيه أبى جعفر عبد الله بن محمد المنصور وقام من بعده بالأمر، أهمه أمر محمد بن عبد الله وأخيه إبراهيم، وألح على أبيهما عبد الله بن الحسن أن يحضرهما إليه لما حج، وكان قد شردهما خوف جوره، ثم حبس عبد الله وعدّه من بنى حسن ومعهم محمد الديباج «٣» ابن عبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان، وهو أخوهم لأمهم فاطمة بنت أبى عبد الله الحسين ابن على بن أبى طالب، وجعل القيود والأغلال في أرجلهم، وأركبهم محامل «٤» بغير وطاء، وسار بهم كذلك من المدينة النبوية وطنهم ووطن آبائهم حتى قدموا عليه وهو بالربذة «٥»، فأمر بالديباج فانشقت عنه ثيابه وضرب خمسين ومائة سوط،
1 / 70