ويحبسوه حتى يهلك أو يندبوا لقتله من كل قبيلة رجلا حتى يتفرق دمه في القبائل وبالغ كل واحد منهم في ذلك بنفسه وماله وأهله وعشيرته، ونصب لرسول الله ﷺ الحبائل بكل طريق سرا وجهرا ليقتلوه، فلما أذن الله له في الهجرة وخرج من مكة، ومعه صاحبه أبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى غار ثور وجعلوا لمن جاء بهما أو قتلهما ديتهما، ويقال: يعلو المائة بعير، ونادوا بذلك في أسفل مكة وأعلاها، كل ذلك حسدا منهم لرسول الله ﷺ وبغيا، ويأبى الله إلا تأييد رسول الله ﷺ وإعلاء كلمته حتى صدق الله وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وظهر أمر الله وهم كارهون، كما ذكرت ذلك في كتاب «إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأخوال والحفدة والمتاع» ﷺ، ولله درّ القائل (شعرا):
عبد شمس قد أضمرت كبنى ها ... شم حربا يشيب منه الوليد
فابن حرب للمصطفى وابن هند ... لعلى وللحسين يزيد
وما الأمر إلا كما قال القائل الأخطل (شعرا):
إن العداوة تلقاها وإن قدمت ... كالعرق يكمن أحيانا وينتشر
وأقول: هذا رسول الله ﷺ قد أبعد بنى أمية عنه وأخرجهم من ذوى «١» قرباه؛ لما أخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى- ﵀ فى كتاب فرض الخمس من الجامع الصحيح فقال: حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا الليث، عن عقيل عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن جبير بن مطعم، قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان رضى الله عنه، إلى رسول الله ﷺ، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بنى المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة، فقال رسول الله ﷺ: إنما بنو عبد المطلب وبنو هاشم شىء واحد «٢» .
1 / 37