============================================================
والنسيان لكل ما دون الله تعالى، فعند ذلك يطيب الله قلبه بطيب مسك الهداية، ثم يجلسه على سرير الوداد مرتقيا على بساط القدس متربعا وعلى نمارق السكينة في أرانك الأنس متكثا إلى مسند الاعتصام في مجمع حسن الارادة ولطائف الاشارة على حافات أنهار الزوائد في رياض الوان العجائب بين خدام الفوائد مستندا وعلى موائد التقرب في بساتين الألفة تحت أشجار الوصلة بين رياحين الشوق والمحبة قاعدا، ثم إذا تناول هذا القاصد أطعمه أثمار الشفقة في كاسات الرضا بأيدي الصدق والصفا مع شكر جاء في الخدمة والوفاء وقليات الشكر والرضا، ثم اكل منها بإشارات الشريعة وأنامل اتباع السنة لقم اليقين والفطنة، ومضغ فناء النفس والشهوة ونسيان الخلق والخليقة مع طيران الأفكار والهمة في قباب رؤية المنة تحت ظلال التعظيم والهيبة على راية حفظ الأرب وحسن المودة، ثم إذا هاج من سرهذا القاصد عطش الاشتياق إلسى محبوبه ومقصوده، مد إلى كاسات الاستيناس بأيدي الاحتراق من بحر الوداد من شراب الوصلة إلى المراد، قشرب منها شربة بعد شربة و كأسا بعد كأس حتى سكر من كل ما سواه سكرة لا ينيق منها إلى أبد الأبد، فياله من قاصد ومقصود! وياله من لباس وملبوس! وياله من حبيب ومحبوب، !ويالها من عناية وولاية! ثم يالها من دولة وهداية! ثم بالها من بداية وبلا نهاية! ثم ياله من ملك عطوف ومعبود شريف رؤوف جل جلاله وتقدست اسماوه!.
واعلموا وفقكم الله أن العبد القاصد إلى هذه الرتبة العلية إذا بلغ هذه الغاية ووصل إلى هذه النهاية وصار بالكلية سالما من جميع أشغال الدنيا وأهلها، وآفات النفس وأدرانها، وصار حرا من عبودية من سواه، أنزله الله على سرير الانشغال به، وأجلسه على نمارق الاتكال عليه، وأتاه عيان الاقبال إليه، فعند ذلك صار مشاهدا لمقصوده ومحبوبه عز وجل، وصح له القصد إليه، فحينثذ جعل الله تعالى قليه موضع نظره وموطن بره، وزينه بحلل جماله، وأدخله في دار الامارة دار علمه وحكمته، فعند ذلك يزور مقر مقصد القاصدين بالفؤاد، حول منتهى لطفه، ويرتع في روضات قدسه، ويطير بجناح المعرفة في سرادقات غيبه، ويجول في ميادين قدرته و ب جبروته، حتى يصير القاصد مكتفيا بكفايته عن كفاية غيره، ومعتصما بته عن عصمة غيره، ثم يصير مستكفيا به معتصما مطمئنا به عن كل ما سواه، ثم يصير مضروبا بسوط اشتياقه، مقتولا من آلم فراقه، مطروحا على فرش وداده،
مخ ۶۲