... واللعب قد يقصد منه فائدة نفسانية ، لا نفع لها ، واللهو مثله ، إلا أن فيه زيادة حظ للنفس ، بحيث تشتغل به عما يهتمها ، والكل حرام ، إلا ما استثنى الشارع لخاصية فيه ، تميزه عن نوعه ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى ، وذلك أن هذه الأشياء الثلاثة لم تذكر في القرآن إلا على سبيل الذم ، سوى موضع واحد، هو من المستثنى من اللعب في قوله صلى الله عليه وسلم : ( كل شيء من لهو الدنيا باطل إلا ثلاثة : انتضاء لك بقوسك ، وتأديبك فرسك ، وملاعبتك أهلك فإنهن من الحق ) رواه الحاكم من حديث أبي هريرة ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، وفي رواية جابر ، أخرجه النسائي : (كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربعة : ملاعبة / الرجل امرأته ، وتأديب 3 أالرجل فرسه ، ومشي الرجل بين الفرضين ، وتعلم الرجل السباحة ) وكذلك رواه إسحاق ابن راهويه ، والموضع المستثنى في القرآن قوله تعالى حكاية عن إخوة يوسف : [أرسله معنا غدا يرتع ويلعب] (¬1) على قراءة النون ، فإن المراد باللعب أحد ما استثني في هذا الحديث ، فإن المفسرين أجمعوا على أن المراد به الاستباق بالرمي والصيد ، ولقد بالغوا في تقبيح العبث حتى إن الإمام فخر الإسلام البزوري وغيره قرنه مع اللعب في القبح ، حيث قال في أصوله : والنهي في صفة القبح ينقسم انقسام الأمر ، ما قبح لعينه وضعا ، مثل الكفر والكذب والعبث ، انتهى .
... وتقدم كلام الشيخ أبي زيد الدبوسي في التقديم ، وكلام شمس الأئمة ، وصرح الإمام جواهر زاده (¬1) في حواشي القدوري بحرمته ، حيث قال : المحرمات أربعة : العبث والسفه والجهل والظلم ، انتهى .
... وهذا كله ظاهر عند من له أدنى عقل .
فصل :
مخ ۵