ومن قال بذهاب بعض القرآن؛ دخل عليه بقوله الفساد في أمره ودينه، حتى لا يقوم له حجه، ولا تثبت له بينه، وذلك(1) أنه لو قال له قائل: أنت أيها المناظر تزعم أن القرآن قد ذهب منه بعضه، لا بل تقول ذهب أكثره؛ وأنت تعلم أن القرآن ناسخ، ومنسوخ، وأمر ونهي وخبر، وهذه الفرائض التي في هذه البقيه؛ التي بزعمك بقيت في أيدي الناس؛ فهي منسوخة كلها، وليست بمبينة للحكم، والمبينة للحكم فهي ما قد نسخها، مما قد ضل وذهب؛ لقطعه وأفسد ما في يده؛ من قوله: إن القرآن قد ذهب بعضه، واضطره إلى أن يبطل(2) ما في القرآن من هذه الأحكام، المعروفة عند جميع أهل الإسلام؛ أو يرجع إلى الحق، ويقول في القرآن بالصدق، فيقر(3) أنه هو بعينه، لم يذهب منه شيء، وأنه محفوظ ممنوع من كل غي. وإنما ألزمناه ذلك لأنه يزعم أن بعض القرآن قد ذهب، ومن قال بذلك لم يدر أهذه الفرائض التي في الكتاب الذي في أيدي المسلمين منسوخة أم ناسخة؟ وأن من(4) لم يعلم ذلك علما يقينا لم يجب عليه الإقرار بما لا يوقنه، فضلا عن العمل به.
مخ ۶۴۲