فإذا قال بذلك، قيل له: ويحك ما أغفلك؟! وأبين حيرتك، وأظهر جهلك وأقل علمك؛ بما تذكر من قولك، وتقول إن الكتب عندك على ما ذكرت وفسرت؛ وقد تعلم أن أعظم الكتب كتاب محمد عليه السلام؛ الذي جعله الله نورا وهدى ، وتبيانا ورحمة وشفاء، فرض فيه الفروض، وأصل فيه الأصول، وبين به حلاله وحرامه، وفي ذلك ما يقول جل جلاله، عن أن يحويه قول أو يناله، {ما فرطنا في الكتاب من شيء}، ويقول سبحانه: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة} [النحل: 89]، ثم أمر رسوله باتباعه، والانقياد لما فيه؛ فقال: {اتبع مآ أوحي إليك من ربك} [الأنعام: 106]، ثم تقول بعد: إنه قد ذهب بعضه، ولم يبق منه إلا أقله، وهو دعائم الرحمن، وفيه ما يحتاج إليه من أمور الله في كل شأن؟!
فإن كان ذلك عندك كذلك؛ فقد ذهبت أكثر فرائض الله سبحانه، وعدمت حجته فتركت، وعطلت ورفضت، واستبدلت بنور الحق وبهجته؛ حيرة الباطل وظلمته، فلا ذنب للعباد فيما جهلوا من الحق، وارتكبوا من الفساد، وتركوا من فرائض الله التي قد ذهبت مع ذهاب عامة كتابه، إذ هم عنها غافلون، ولها جاهلون، إذ لم يجدوها، ولم يطلعوا عليها ولم يعلموها.
مخ ۶۴۱